@salemalyami
كفانا الله تعالى وإياكم المرض، وشر المرض. من العبارات التي كانت توجد تقليدياً في نصوص الأفلام العربية القديمة عبارة الدعاء بأن يكفي الله تعالى السامع، أو السامعين شر المرض. هذه العبارة وربما غيرها كانت تمر مرورا سريعا وعاديا ولم تك تستوقف أحدا، ولم أك شخصياً أتوقف عندها طويلاً، في الآونة الأخيرة وربما مع تراكم التجارب، ونضوج بعض الخبرات وربما أيضاً للتقدم في السن أصبحت أتوقف عند بعض الجمل، والعبارات أكثر من السابق، وكأنني أكتشف هذه العبارات الموجودة دائماً، ولكنها لم تك مضيئة بالشكل الذي أتلمسها فيه اليوم.
في الأسبوع الأخير من شهر أغسطس المنصرم توقفت عند عبارة صراع مع المرض، أو بعد صراع طويل مع المرض مرتين، المرة الأولى وأنا أستمع إلى خبر وفاة الإعلامي السعودي والمذيع الأشهر المرحوم الأستاذ غالب كامل رحمه الله تعالى، وأثر في كثيراً فيديو متداول له يقول فيه كلاما مؤثرا، ويبين أن المرض عدو خطير لا يرحم أحدا. المرة الثانية التي استوقفتني عبارة الصراع مع المرض أثناء تصفحي لخبر وفاة آخر رئيس للاتحاد السوفيتي السابق السيد ميخائيل جورباتشوف والذي توفي في عمر ناهز الثالثة والتسعين، لكن كما قال الخبر أقصد خبر الوفاة إن الرجل انتهت حياته واعتبر في عداد الموتى بعد صراع طويل مع المرض.
كثيرون يعيشون بيننا ويموتون بعد صراع مع المرض وأحياناً مع جملة أمراض أي أكثر من مرض، وهذه واحدة من سمات هذا العصر والعياذ بالله. أقول البعض ينهيه المرض ويذهب إلى الدار الآخرة وكأنه يمنح أهله والمحيطين به شهادة راحة وخلاص من الرعاية والعناية والبحث عن العلاج الذي غالباً تكون معروفة نتيجته، فليس هناك غالباً آمال كبيرة بأن يعود إنسان متقدم في السن ومحاط بأكثر من مرض وعلة إلى حياة الشباب والصحة والعافية حتى لو أدخل أفضل وأشهر وأحدث المصحات في العالم.
قبل سنوات طويلة كنت أقف على حافة سرير في المستشفى العسكري بمدينة جدة حيث يرقد أخي الأكبر، وكان يزوره أحد الأقارب ومع ذلك القريب رجل من المعارف قدم إلى المنطقة الغربية لأداء مناسك العمرة وكان يقول لأخي المسجى على سرير المرض، إن شاء الله تقوم بالسلامة ونذهب سوياً لأداء العمرة في المرة القادمة. رد أخي رحمه الله كان غير واضح ولكنه كان يقول شيئا مثل إن من يرقد على هذا السرير، وبهذه الحالة الصحية المتأخرة، وبهذا الهجوم الكاسح للمرض في الغالب لن يتمكن من أداء العمرة مجدداً. وكان حدس أخي غفر الله له أكثر واقعية، حيث توفي بعد ذلك الحديث بأيام، وبعد عودة الرجل الذي كان يحدثه من العمرة كانت مناسبة ليزورنا مجدداً لكن ليقوم بواجب العزاء في أخي هذه المرة.