@DrLalibrahim
تصنف المملكة اقتصاديا من ضمن الدول النفطية الأكثر ثراء، كما أن نظام الحكم يدعم تقديم العلاج والتعليم كخدمات أساسية تتحمل نفقتها الحكومة.
مكافحة الفقر هو الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة، بعام 2017 بلغت نسبة الفقر في السعودية 12.3 %. وهي الأقل عربياً والتاسعة عالمياً في تدني نسبة الفقر من بين 151 دولة شملتها تقديرات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وقد عرفت منظمة الصحة العالمية الفقر بأنه مصطلح يطلق بشكل مطلق على ذوي الدخل المحدود، كما بينت تقارير المنظمة بأن هناك ارتباطا وثيقا بين الفقر والصحة. فالفقراء أكثر عرضة للأمراض والمخاطر المتعلقة بصحة البيئة. كما وجد أن غالبية الفقراء يعانون بشكل أو بآخر من مشاكل سوء التغذية، التي تتفاوت بين النحافة المفرطة والسمنة المفرطة، والأمراض التي ترتبط بنقص العناصر الغذائية المكملة، التي تتواجد بالنظام الصحي الجيد المتكون من أطعمة طازجة ومتوازنة. ليس ذلك فحسب ولكن أيضا لا تتوافر لهم المعلومات الصحية وكيفية الوصول للقنوات الصحية المناسبة رغم حاجتهم لذلك، ولهذا فإن المحصلة النهائية هي أن الفقر أحد مسببات تراكم المشاكل الصحية. ومن جهة أخرى، فالمرض نفسه يؤثر على ميزانية الفرد، فيشغله ويضعف من قدرته على التعلم ويقلل إنتاجيته ودخله مما يؤثر على جودة حياته، وبالتالي فإن المشاكل الصحية تسبب الفقر أيضا.
ورغم الميزانيات والموارد، التي تتوافر للقطاعات الصحية وحرص الأنظمة الصحية على توفير الصحة للجميع إلا أن أرض الواقع تثبت أن الفقراء هم الأقل وصولا للخدمات الصحية، وذلك على مستوى العالم بشكل عام.
معظم الأنظمة الصحية تعمد إلى وسائل غير عادلة بتوزيع الموارد المالية للخدمات الصحية، التي تنتهي بأن يضطر المريض وعائلته لأن يدفع خدمات علاجه بطريقة أو بأخرى حتى بالأنظمة، التي توفر علاجا مجانيا لمواطنيها، وأكثر من 100 مليون شخص بالعالم دخلوا بكوارث مالية ودفعوا لأن يكونوا من ذوي الدخل المحدود بسبب التكاليف العلاجية الباهظة بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية حول الفقر والصحة بعام 2008.
بالواقع لا يوجد نظام صحي مصمم لذوي الدخل المحدود، فالأنظمة الصحية غالبا تعجز لوحدها وبدون الترابط مع الأنظمة الأخرى لتوفير السلامة الصحية للمواطنين لتؤمن عدم تعرضهم للأمراض الصحية والنفسية والقضاء على التلوث، الذي بالتالي يسبب انتشار المرض والحاجة للعلاج المتخصص بالمستشفيات، الذي يعتبر أحد المستنزفات للميزانيات الصحية.
وعالميا لا يوجد فرق بين الدول الفقيرة والغنية بحل مشكلة العدالة الصحية، فالدول الفقيرة تتذرع بنقص الموارد والمصادر المالية بينما تعاني الدول الغنية من مشكلة توزيع الميزانية بالخدمات الصحية.
بالمقارنة بالمملكة، فهي تؤمن نظاما صحيا وطنيا يغطي جميع الخدمات العلاجية لجميع المواطنين السعوديين، كما توفر الخدمات الصحية الأساسية للمقيمين مثل التحصين المجاني والعلاج بالحالات الطارئة والتنويم بحسب ما تقتضيه حالتهم العلاجية.
لهذا كان التحول الصحي حل لكثير من المشاكل، التي من ضمنها عدالة الوصول للخدمات الصحية وتأمين الخدمات الصحية، التي ستوفر العلاج الأفضل لشريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين.
مع الأخذ بالاعتبار أهمية الوقاية، حيث توصي منظمة الصحة العالمية بأن أفضل حل لتقليل توابع الفقر على الصحة سعيا لصحة المجتمع هو بتقوية الخدمات الصحية الأولية، التي بالتالي ستقلل الحاجة إلى الرعاية الصحية بالمستشفيات الثانوية والمتخصصة.
ما نتمناه من الجهات الصحية مشاركة المعلومات في الخصخصة والتحول الصحي لنساهم بأدوارنا كمتخصصين وإعلاميين في نقل ميزات التحول الصحي لمقدمي الخدمة والمستفيدين، فهم أصحاب علاقة أساسيين في هذا التحول، الذي يلامس الجميع.