لقد تناولت في مقالين سابقين عن رحلتي لقطر وعن انطباعاتي ومشاهداتي. وها أنا بفصلها الأخير أتحدث عن يومي الثالث والرابع لتلك الزيارة ولعل ما فيها يشد القارئ وخاصة عن موضوع استعداد قطر لكأس العالم. فهل هي بالفعل مستعدة؟ لا أحد يعلم ما هو قادم بالفعل إلا أن الكثير يتحدث عن عدم جاهزيتها وهو ما شاهدت من إغفال أجزاء كثيرة من الاستعدادات الأمر الذي يشد الأنظار للغرض ولعوائد تلك الاستثمارات وخاصة ما بعد كأس العالم. فكأس العالم لكرة القدم بلا شك سيجلب الأنظار لقطر ويعرف العالم بها وهو بمثابة الإعلان التجاري وعلى نطاق واسع لكن تحت أي كلفة؟ وما هو المردود الاقتصادي ما بعد كأس العالم؟ وكيف ستسترجع كلفة تلك الاستثمارات وخاصة إن علمنا كما شاهدنا من أول يومين لزيارتنا أن الاستعداد والبرنامج هو ليس لأغراض سياحية أو لجذب الزوار ما بعد إقامة كأس العالم، إنما انصب واقتصر في إنشاء أبراج سكنية وملاعب وبعض الأسواق التجارية لغرض الشهر الذي ستقام فيه فعاليات كأس العالم لكرة القدم، فحتى لم نجد بالزيارة أي اهتمام لبيع التذكارات الخاصة بمناسبة كأس العالم لكرة القدم وقد تعبنا جدا للعثور عليها أو من لوجستيات كقطارات للتنقل وحتى للملاعب. أي أن الخروج والدخول للمباريات سيكون معقدا جدا مع طول انتظار وليس لقطر سابق خبرة بإدارة الحشود.
وعلى أية حال لن تكون هناك أجوبة واضحة إلا ما بعد انتهاء فترة كأس العالم. ونتمنى لقطر ألا تقع عرضة لجداوى اقتصادية بنيت على فرضيات وهمية من أعداد زوار غير حقيقية ما بعد الفعالية كما كان مع اليونان عند إقامتها للألعاب الأولمبية فانهار اقتصادها. وليست اليونان هي مثل قطر ومواردها المالية العالية كدولة وتحت أي مقياس. إلا أن القطاع الخاص حتما سيتأثر سلبا كما كان مع اليونان إن جاءت أعداد الزوار غير واقعية. كذلك سينعكس سلبا على مصارف قطر التجارية وهو أمر منفصل عن اقتصاد القطاع العام إلا أنه متقاطع معه. ومن المتوقع أنه حدث تدخل من الحكومة القطرية لدعم مصارفها بالودائع مما سيزيد من استنزاف الأموال والكلفة العامة لإقامة الفعالية.
ولنكمل رحلتنا فنحن الآن في صباح يومنا الثالث من هذه الزيارة ولأكملها، وكيومنا السابق افتتحناه بالزيارة لأحد المتاحف وهذه المرة اخترنا متحفا للفنون قيل إن به أعمالا لفنانين كبار من الدول العربية. المتحف كان خاليا من الزوار لقاعات المعرض وجاء «جوجل» ليزيد الطين بلة قبلها من اضطرارنا للذهاب للشوارع الخلفية للمعرض لنصل للموقع بسبب أن إحداثياته خاطئة. وأيضا من عدم وضوح مدخل المعرض مما اضطرنا أيضا للالتفاف على المبنى مشيا على الأقدام. جاء بالمعرض عدد من الأعمال لفنانين سعوديين وكذلك من جميع أنحاء العالم العربي. مررنا على أقسامه سريعا ومما أثلج صدورنا أن شاهدنا صالة بإحدى الردهات بها فعالية لإحدى الجمعيات ملئت بالأطفال وهو شيء حسن. غادرنا المعرض ذاهبين إلى مكتبة قطر الوطنية.
تقابلك المكتبة بمبناها الكبير الجميل لكن دون مواقف. فتضطر إلى الذهاب إلى مواقف بعيدة جدا عنها. تشاهد قبل الوصول للمكتبة عددا من الكليات من ضمن حرم جامعي كذلك ملعبا رياضيا أعد لكأس العالم لكرة القدم ومن الملاحظ أنه لم يكن بالطريق لوحات إرشادية لمواقف أو وسيلة للدخول إليه، أو تعريف لاسم الملعب. المكتبة أتت متدرجة من الداخل تملأها أروقة مفتوحة بها رفوف وكتب وعلى طوابق مفتوحة. بأسفل المبنى قاعة كبيرة مشاهدة من الطابق العلوي وكأنها مبان منفصلة وأروقة. بتلك القاعة معروضات عن مقتنيات من كتب عربية إسلامية ومصاحف وخرائط قديمة. وكختام للزيارة جاءت المكتبة لي كانطباع أنها مشروع معماري جميل كنموذج هندسي ألبس رداء مكتبة.
وفي ختام مقالاتي عن زيارتي لقطر، أتمنى لها كل خير وأتمنى أن تنجح بتنظيمها لكأس العالم لكرة القدم رغم شكوكي.
@SaudAlgosaibi