ونحن نقترب من الاحتفال باليوم الوطني السعودي 92، نتذكر النشيد الوطني: كلمات تحمل معاني العزة والولاء والشموخ والانتماء.. تحفز على حب البلاد وتطمح لأعالي الأمجاد، تسري في الوجدان وتحرك القلوب وتقشعر لها الأبدان.
النشيد الوطني السعودي.. يُردَّد يوميًا على ألسنة الطلاب في المدارس وعند الفوز بالإنجازات والبطولات، كلمات "المجد" و"العلياء" الحماسية مرَّت بمراحل وتفاصيل كثيرة قبل أن يصبح النشيد الوطني في صورته الحالية.. فمتى ظهر واعتُمد في أنحاء المملكة؟
السلام الوطني السعودي
لم تكن فكرة وضع نشيد وطني وعزف سلامه واردة بعد تأسيس المملكة، بسبب كثرة التحديات وعظم المهمات.
لكن عند الزيارة التاريخية للملك عبد العزيز -رحمه الله- إلى مصر عام 1945م أدرك نجله الأمير منصور ضرورة تمتع المملكة، كدولة ذات سياد، بسلام ملكي يُصاغ لحنًا، ونشيد وطني يواكب موسيقى السلام.
فكلَّف الملحن المصري عبد الرحمن الخطيب بوضع موسيقى للسلام الملكي على كلمات النشيد الوطني الذي كان قد نظمه سابقًا الشاعر محمد طلعت عبد الرحمن عادل، ثم وضع الملحن السعودي طارق عبد الحكيم موسيقى أخرى للنشيد الوطني عام 1947م على آلة البوق.
ظل السلام الوطني يُعزف في المراسم والمناسبات الرسمية، دون أي كلمات تُردد معه، وتشير بعض الروايات إلى وجود كلمات لنشيد وطني منذ زمن الملك عبد العزيز وكذلك الملك سعود بن عبد العزيز، رحمهما الله.
كان مطلع هذه الكلمات: يعيش مليكنا الحبيب، وأرواحنا فداه، هيا اهتفوا عاش الملك، هيا ارفعوا راية الوطن، اهتفوا وردّدوا النشيد، يعيش يعيش يعيش الملك.
ولادة النشيد الوطني السعودي
في زيارة لجمهورية مصر العربية، سمع الملك خالد بن عبد العزيز -رحمه الله- كلمات النشيد المصري، فأعجبته الفكرة، وتساءل عن إمكانية كتابة كلمات تصاحب السلام الملكي السعودي.
وُلدت الفكرة ونقلها الملك خالد إلى إلى وزير الاعلام آنذاك، محمد عبده يماني، وبدأت عملية البحث عن مؤلف وشاعر ينال شرف كتابة كلمات النشيد الوطني، شريطة أن يكون متوافقًا في وزنه وألحانه مع موسيقى السلام الملكي، واقترح الأمير عبد الله الفيصل آنذاك اسم الشاعر إبراهيم خفاجي.
تنفيذ النشيد الوطني
تُوفي الملك خالد -رحمه الله- قبل اكتمال مشروع النشيد، فتوقَّف الأمر حتى وجه الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- باستكمال العمل فيه، شريطة ألا يحتوي على اسم الملك، وألا تخرج كلماته عن الدين والعادات والتقاليد.
استمر الشاعر "خفاجي" يعمل على إنجازه ستة أشهر متواصلة، حتى اكتملت كلماته فسلَّمه إلى الموسيقار سراج عمر لتركيبه وتوزيعه على موسيقى السلام الملكي، ثم عرض بعد ذلك على مسامع الملك فهد -رحمه الله- الذي أعجب بكلماته وألحانه وتوافقه مع السلام الملكي، فأمر -رحمه الله- باعتماده وتوزيعه على جميع الوزارات والسفارات والإدارات والمرافق الرسمية السعودية داخل المملكة وخارجها، ليكون معتمدًا في جميع المناسبات الرسمية والاحتفالات الوطنية.
تميز النشيد الوطني السعودي
يتميز النشيد الوطني عن بقية أناشيد الوطن العربي والعالم الإسلامي بروحه الدينية ومعانيه العقدية التي تعبر عن المملكة كبلاد للحرمين الشريفين وقِبلة للمسلمين أجمعين.
كلمات النشيد الوطني السعودي
سَارِعِي لِلْمَجْدِ وَالْعَلْيَا
مَجِّدِي لِخَالِقِ السَّمَاء
وَارْفَعِ الخَفَّاقَ أَخْضَرْ
يَحْمِلُ النُّورَ الْمُسَطَّرْ
رَدّدِي الله أكْبَر يَا مَوْطِنِي
مَوْطِنِي عِشْتَ فَخْرَ الْمسلِمِين
عَاشَ الْمَلِكْ: لِلْعَلَمْ وَالْوَطَنْ
