ابتلينا مؤخراً بفئة من البشر، يُطلقون على أنفسهم «مدربي الحياة» أو «life coach» يزعمون بأنهم يستطيعون انتشالنا من الحيرة للنور ومواجهة ضغوط الحياة وتخطيها، وقد يصل الأمر إلى كيف نتعامل مع الآخرين أيضاً..
وقد يتبادر إلى الذهن عند الوهلة الأولى مع هذا التعريف المتداول عنهم أنهم والأطباء النفسيون واحد؛ بل يصرّ البعض أن انتشار «مُدرب الحياة» والثقة العالية التي يتمتع بها من مختلف فئات المجتمع قد تجعله في كفة ترجح على الطبيب النفسي؛ ولا أعلم حقيقة تفسيراً لهذه الظاهرة، وهذه الثقة المطلقة «بمدربي الحياة» سوى أن طبيعة البشر يحتاجون إلى توجيه بطبيعتهم وانسياق خلف قائد وموجّه ولو كان على سبيل الوهم.
وأعتقد شخصياً أن غالبية مَن يركضون خلف هؤلاء المدربين، كانوا يستهزئون بأتباع بعض وعّاظ الدين والمعالجين الشعبيين متهمينهم بالاستسلام لتجارة الوهم وعدم إعمال العقل، وهو فكر طيب مستنير يجعلك فخوراً بهذه الأجيال، التي سرعان ما تحبطك بمثل هذه التخبطات، حيث يعودون للوهم مرة أخرى من زاوية أكثر تطوراً ومواكبة للمتغيرات الثقافية من خلال إيمانهم التام بقدرة أحدهم على حل مشاكلهم النفسية وتطوير ذواتهم بعيداً عن القرآن الكريم والطب النفسي.
وقد وصل بعض عشاق هذا النوع الجديد من الوهم للتشكيك بقدرة العيش أصلاً في هذه الحياة باتزان دون العودة لمدرّب الحياة!
ورغم أن الواقع يقول إن مدرّب الحياة الوحيد هو العُمر، بتجاربك وحصيلتك الثقافية والعلمية والاجتماعية والمادية والمعنوية، وظروفك المحيطة، إلا أنه ما زال البعض يؤمن بأن ثمة مَن يمكنه رسم خارطة طريق مثالية له وإظهار أفضل ما لديه رغم عدم خوضه أياً من حروبه ومع اختلاف تركيبته النفسية والعقلية كلياً عنه، وقد قال أجدادنا وحكماؤنا قديماً: «اللي رجله في المويه، ما هو زي اللي رجله في النار».
@maiashaq