@Khaled_Bn_Moh
وفقا لإحصاءات التأمينات الاجتماعية لنهاية الربع الثاني من عام ٢٠٢٢م، نجد أن إجمالي المشتركين على رأس العمل في القطاع الخاص وصل إلى ما يقارب ٨.٨٩٠.٤٠٧ مشتركين، منهم ٢.٠٧٢.٥٠٧ مشتركين سعوديين يشكلون ٢٣.٣ ٪ من إجمالي عدد المشتركين، بالإضافة إلى ما يقارب ٦.٨١٧.٩٠٠ مشترك غير سعودي يشكلون ٧٦.٧ ٪ من إجمالي عدد المشتركين. في هذا المقال سأتطرق لموضوع متكرر عن توزيع المشتركين حسب الجنسية بالقطاع الخاص، وهل افتراض أن عدد المتعطلين السعوديين أقل من عدد المشتغلين غير السعوديين بالقطاع الخاص هو الحل للبطالة؟، وكيف نرفع من نسبة المشتركين السعوديين؟، وأخيرا، هل عدد المشتركين بشكل عام مساو لعدد الفرص الوظيفية المتاحة بالقطاع الخاص؟، بداية من المهم أن نتفق بأن الإصلاحات في سوق العمل مستمرة، وتلك الإصلاحات مرحلية ولا يمكن تطبيقها في وقت واحد، ومن المهم أن نتفق بأن اختلاف فئات العمالة وعملية الطلب على نوعية العمالة تعتمد بشكل أساسي على التركيبة الهيكلية للاقتصاد، ومن هذا المنطلق نجد تحرك المملكة بشكل كبير على تنويع الاقتصاد الداخلي حتى يكون هناك توليد للوظائف بشكل مستمر ومتنوع بدلا من الاعتماد على التدوير. من الأخطاء التي يتم تداولها بشكل مستمر هو افتراض أن كل وظيفة يشغلها غير السعودي في سوق العمل هي وظيفة قابلة للاستبدال بعامل سعودي مباشرة، فهناك مهن غير مناسبة ولا نطمح بالأساس أن نستهدفها لإحلال السعودي فيها «كعامل النظافة على سبيل المثال»، وبنفس الوقت هناك مهن مناسبة وتطويرية عديدة «نوعية» من السهل العمل على رفع أعداد المشتغلين السعوديين فيها مقارنة بغير السعوديين، وهذا ما لمسناه في قرارات التوطين الأخيرة التي اعتمدت بشكل كبير على الجانب النوعي مما انعكس ذلك بشكل إيجابي كبير على مؤشرات سوق العمل. من خلال تشخيص البطالة في المملكة، نجد أنها أقرب للبطالة الهيكلية «Structural Unemployment»، وهو عدم التوافق بين فرص التوظيف المتاحة ومؤهلات وخبرات المتعطلين الباحثين عن العمل، وهناك مؤشرات عديدة تدعم ما ذكرته منها الأقلية لعدد المشتغلين السعوديين، بالإضافة لاستمرار استقدام العمالة الوافدة لأن طبيعة «أغلب الوظائف» في سوق العمل هي وظائف متدنية الأجر، وبدائية غير جاذبة لتوظيف السعوديين فيها، ولذلك افتراض أن حل قضية البطالة فقط من خلال الاعتماد على مبدأ «عدد المتعطلين أقل من عدد المشتغلين غير السعوديين حسب سجلات التأمينات الاجتماعية» هو افتراض غير صحيح. ما ذكرته أعلاه يقودنا لمقترحات لرفع التوزيع النسبي للسعوديين مقارنة بغير السعوديين في القطاع الخاص، من أهمها التركيز على استخدام الأتمتة حيث إنها ذراع مهم لتقليل أعداد غير السعوديين في كثير من الوظائف المتدنية، وتكلفتها الإيجابية لصاحب العمل والاقتصاد ستتضح على المدى القصير وستنتج من ذلك ترقية كبيرة في كثير من القطاعات. وإضافة لذلك، من المهم الاستمرار في قرارات التوطين النوعية التي تعمل عليها وزارة الموارد البشرية في الفترة الأخيرة، لأن التركيز على التوطين الكمي بشكل أكبر من التوطين النوعي ستكون له آثار سلبية، فمن خلال هذا التوجه سينتج لدينا «توظيف غير منتج» ودوران عال، وسنجد قطاعات مسجلة بها أعداد ليست بالقليلة من السعوديين بسبب اشتراطات نسب التوطين للاستمرار في السوق، وهذا التوجه سلبيته تكمن في عدم تطور الأيدي العاملة في تلك القطاعات بسبب عدم اهتمام صاحب العمل بتطويرهم، لأن الهدف من وجودهم هو المحافظة على نطاق المنشأة في برنامج نطاقات، وسينتج من ذلك ضعف مستويات التراكم المعرفي للسعوديين العاملين في تلك القطاعات، ولذلك من المهم معاملة معدلات التوطين في بعض القطاعات بسياسة مختلفة عن القطاعات الأخرى، ويتم التركيز فيها على أنماط العمل المرنة حتى نحقق المستهدفين الأساسيين «رفع التوطين، تطوير العاملين السعوديين لزيادة التراكم المعرفي»، ومثال على ذلك قطاع الخدمات الشخصية. وأخيرا فيما يخص افتراض أن أعداد المشتغلين في سوق العمل بالقطاع الخاص مساوية لعدد الوظائف المتاحة بالقطاع نفسه فهو افتراض غير صحيح، ولتوضيح ذلك، هناك أعداد ليست بالقليلة من المشتغلين «تنقلوا» على أكثر من وظيفة من صاحب عمل لآخر خلال فترة السنة، مما يعني التضييق على المتعطلين «من لم يسبق لهم العمل» للدخول في سوق العمل، أي أن عدد المشتركين حسب الإحصاءات الرسمية لا يعني هو نفس عدد الوظائف المتاحة في سوق العمل.