وكذلك اليتيم الذي عبثت به آلام اليتم، نجده يعطي أبناءه وأقاربه وغيرهم من الحب والعطف والحنان الشيء الكثير والأكثر، وأيضا من الآباء والأمهات من تعرضوا للقسوة وسوء المعاملة من آبائهم وأسرهم تجدهم مصدرا للرحمة، فالأم المحرومة في طفولتها من كل المشاعر والأحاسيس الجميلة والأمان، وقد تكون لقيت أشد أنواع العذاب والألم النفسي والجسدي والامتهان في تربيتها طفلة تجدها أما رحيمة.
والذين حرموا من الإنجاب يعطون الحب ببذخ لأطفال الآخرين. وكذلك الذين لم يتعلموا لظروفهم الخاصة، من واقع معرفتي بهم، أبناؤهم علماء وعباقرة، ومسئولون في الدولة وفي القطاع الخاص.
واقع حقيقي للعطاء وبلا حدود الحياة، وأيضا نرى قصصا لأشخاص كانوا في الماضي فقراء فأغناهم الله فتذكروا معاناتهم وتذكروا الفقراء وشعروا بمعاناتهم فقدموا أفضل ما لديهم ولم يبخلوا بشيء.
إذن ليس شرطا أن فاقد الشيء لا يعطيه، هذه المقولة لا أتفق مع قائلها، لأن فاقد الشيء يعرف قيمة ما افتقده، وكان شديد الحاجة له، وما سبب فقدانه له من ضيق وإحباط وتأثير نفسي لعدم حصوله عليه فيسارع بتقديم العون لمن يحتاجه ماديا أو معنويا فيعطيه وبحجم ألمه بما فقد، شيء غير إرادي بدافع الإحساس والشعور.
حتى الثقة المفقودة بمن أحببنا ستصبح مصدر الثقة بمن أحبونا وصدقوا.
الإنسانية تفرض إنسانيتها للإنسان لأنه إنسان يعطي الأمل وداخله إحساس بالفشل والذي فقد البصر إنسانية تبعث النور. من يقول إن فاقد الشيء لا يعطيه فاقده يعطي وببذخ لأنه أدرى الناس بمرارة فقده.
والذي فقد التقدير والثناء والاحترام وهو إنسان بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني الإنسانية فلا شك سيمنحه للآخرين لأنه يستشعر مدى الحاجة إليها وستعود له، فبقدر ما تقدم من إحسان يعود إيجابا إليك.
وأحيانا يقابل بعكس ما قدم، لا بأس هم قلة، شذوا عن القاعدة ولكل قاعدة شواذ. وهذه القلة بحسب تقييمي لهم هم الأنانيون الذين يضعون أهدافهم الخاصة بشكل دائم فوق أهداف الآخرين،، لا يراعون غيرهم ولا يهتمون بمشاعرهم مصلحتهم أولا وأخيرا أنا ومن بعدي الطوفان في اعتقادي أنهم مرضى نفسيون يحققون رغباتهم ولو كان على حساب الآخرين.
هؤلاء هم فاقدوا الشيء الذين لا يعطونه، فقدوا الإنسانية والأخلاق والعواطف وفقدوا كل مشاعر الأسوياء فلم ولن يعطوا حتى يشفوا إذا كتب الله لهم الشفاء.
[email protected]