أخطر 48 ساعة في حياة «الحوت الضال» بفرنسا.. إما الخروج للمياه المفتوحة أو الموت!

ضلَّ حوت أبيض من نوع "بيلوجا" في نهر السين قبل أيام، وحتى اليوم لا يزال عالقًا في المياه العذبة، فيما ظهرت عليه علامات المرض، فقد امتنع عن الطعام منذ أمس الأحد.
ويسعى علماء بحريون إلى إجبار الحوت على الخروج للمياه المفتوحة، إذ إن وضعه الحاليّ لا يبعث على كثير من الأمل في أن يظل على قيد الحياة.
وشُوهد الحوت -الذي يبلغ طوله أربعة أمتار- يوم الثلاثاء الماضي، بمياه نهر السين، وهو مشهد نادر الحدوث، أن تخرج تلك الكائنات من المياه الباردة.
ومنذ مساء الجمعة، وٌضع البيلوجا في سياج تبلغ مساحته نحو 125 مترًا في 25 مترًا ، على بعد 70 كيلومترًا شمال غرب باريس.

أمل ضئيل

وقالت لمياء الصملالي، رئيسة منظمة "سي شيبرد"، وهي منظمة غير حكومية للدفاع عن المحيط، إن الخبراء والسلطات واجهوا تحديًا كبيرًا في دفع الحوت للعودة إلى مساره، وأكدت أن الأمل ضئيل، عندما سئلت عن فرص إنقاذ الحيوان بعد خمسة أيام من جنوحه.
ولم تنجح عدة محاولات لإطعام الحوت الضال، تضمَّنت أسماك الرنجة والتراوت وحتى الحبار.
وقالت محافظة إيور في بيان صباح أمس الأحد، إن الأطباء البيطريين منحوه فيتامينات ومنتجات من المرجح أن تفتح شهيته. وأشارت السلطات إلى أن الحوت كان هادئًا لكنه بدا نحيفًا، وظهرت عليه علامات "تغيّرات جلدية بسبب وجوده في المياه العذبة".
ووفق "الصملالي"، فإن هذا النقص في التغذية ليس جديدًا، ربما يكون افتقاره إلى الشهية أحد أعراض شيء آخر لا نعرفه، وربما يعاني نقصَ التغذية منذ عدة أسابيع، أو حتى عدة أشهر.

غواصو الإنقاذ في دورية على نهر السين بحثًا عن حوت بيلوجا المفقود - رويترز

القتل الرحيم

في الوقت الحالي يسود شعوران؛ قليل من التفاؤل بشأن فرص الحيوان في البقاء على قيد الحياة، وكثير من المخاوف من أن يعاني من نفس مصير الأوركا التي عثر عليها في النهر نفسه مايو الماضي، إذ فشلت العمليات لمحاولة إنقاذ هذا المخلوق وتوفي من الجوع.
وتقول "سي شيبرد"، إنها استبعدت خيار القتل الرحيم لحوت البيلوغا في الوقت الحاليّ، لأن هذا سيكون سابقًا لأوانه، فيما تعتبر الخيارات مثل فتح السياج أو إجبار الحوت على الخروج محفوفة بالمخاطر.
وقالت لمياء الصملالي: "نحن جميعًا متشككون في قدرته على الوصول إلى البحر من نفسه".

الفرصة الأخيرة

وأضافت الصملالي: "الاحتمال الآخر هو إخراجه من الماء واصطحابه إلى البحر لإطعامه وتزويده بفيتامينات إضافية، والحصول على عينة منه، لاكتشف معلومات عن أصله وحالته الصحية وسبب مرضه".
وأوضحت: على أي حال، لا يبدو من الممكن تركه في السياج حيث الماء راكد ودافئ.
في نهاية اجتماع لـ"سي شيبرد" مع المحافظة والمكتب الفرنسي للتنوع البيولوجي ومرصد بيلاجيس وحوت كندي أكدت الصملالي: "يجب أن يخرج في غضون 24/48 ساعة القادمة، فهذه ليست الظروف المثلى بالنسبة له".

حوت بيلوجا يسبح في نهر السين الفرنسي بعد أن ضل طريقه - د ب أ

أسباب الانجراف

ولا تزال الأمور النفسية للحيتان محل دراسة، إذ إنها من أكثر الكائنات تعرضًا للاكتئاب والانتحار.
كل عام، تطفو آلاف الحيتان والدلافين على الشواطئ حول العالم، تحدث هذه الظاهرة - التي تسمَّى الجنوح - والتي تحدث للحيوانات السليمة صحيًا أو المريضة، وفي بعض الأحيان تجنح مجموعة من الحيوانات البحرية معًا.
وسجَّلت جمعية علم الحيوان في لندن أكثر من 12 ألف تعرض لظاهرة الجنوح أو الاحتجاز في مياه ضحلة، منذ عام 1990. كان أبرزها جنوح أكثر من 300 حوت ساي في منطقة باتاغونيا جنوب تشيلي عام 2015، أو سلسلة حوادث الحيتان المنقارية التي جرفها التيار إلى الشاطئ في جزيرة جوام بالمحيط الهادئ بين عامي 2007 و2019.
ويقول كيفن روبنسون، مدير وحدة أبحاث وإنقاذ الحيتان، وهي مؤسسة خيرية اسكتلندية للحفاظ على الحياة البحرية: "من المحتمل وجود عديد من الأسباب التي تفسر تلك الظواهر".
وبحسب موقع مجلة "ناشيونال جيوجرافيك": قد يكون الحوت الجانح مريضًا أو مصابًا، أو خرفًا، أو مفقودًا، أو غير قادر على إطعام نفسه أو يتعرض للخطر بطريقة أخرى.
ويوضح دان جارفيس ، مسؤول تطوير الرعاية الاجتماعية والدعم الميداني في إنقاذ الحياة البحرية البريطانية: «قد تنجرف الحيوانات الضعيفة مع التيار، بينما يمكن للحيوانات المشوشة أن تتجوّل بطريق الخطأ في المياه الضحلة».