DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

«الاحترام الحقيقي».. العمود الفقري لبناء الأسرة والمجتمع

يرتكز على التفاعل والاحتواء وبغيابه نفتقد العدل والمساواة ونعاني التسلط والأنانية

«الاحترام الحقيقي».. العمود الفقري لبناء الأسرة والمجتمع
- العامل الرئيسي لأي تعامل جماعي مبني على التفاعل والتبادل
- الأسرة عبارة عن منظومة قائمة على الاحترام الذاتي والجماعي
- التطور التكنولوجي وآلياته أوجد فجوة كبيرة بين الآباء والأبناء
- مفهومه لا يقتصر على الآخرين لكنه يبدأ من الذات وينتهي إليها
=======================================
الأسرة عبارة عن منظومة قائمة على الاحترام الذاتي والجماعي وترتكز على عاملين إيجابيين مهمين هما «التفاعل والاحتواء»، فإذا ضمر الاحترام أو تلاشى، فإن التفكك والتشتت يستوطن المنظومة الأسرية برمتها، فيغيب عنها العدل والمساواة ويحضر التسلط والأنانية، ولهذا فإن مفهوم الاحترام لا يقتصر على الآخرين، ولكنه يبدأ من الذات وينتهي إليها، فكما تحترم الآخرين يحترمونك، وكل إنسان موجود في هذا العالم يستحق الاحترام والتقدير.
وفي ضوء ذلك فإننا عندما نتحدث عن الاحترام كمصطلح، فإن له عدة تعاريف منها أنه «حسن التواصل مع الآخرين والتزام الأدب معهم، أي حسن الجمع بين الحقوق والآداب في التعامل مع الذات والآخرين»، في حين أن الاحترام كصفة يركز على الخصوصية الفردية من خلال ترك الشخص ما لا يعنيه.
الاحترام الحقيقي
وقال الأخصائي النفسي العيادي والجنائي عبدالله الوايلي: الاحترام الحقيقي هو العامل الرئيسي لأي تعامل أسري مبني على التفاعل والتبادل، سواء كان بين الزوجين أو الوالدين والأبناء، فهذا الاحترام هو العمود الفقري لبناء الأسرة سواء كان بالثالوث المعرفي الذاتي «المشاعر والأفكار والسلوك»، أو بالثقافة الاجتماعية المتوارثة، وما ينتج عنهما من طموح وأهداف خاصة وعامة، وما تصل إليه من رقي في الحوار وأدب في المناقشة وإيجابية مشتركة في الإنصات والتوجيه والاقتراح، فهو احترام التقبل للآخر كما هو وليس كما أريد وفق الصورة التي رسمتها له في ذهني، أما الاحترام غير الحقيقي «الصوري» فهو على النقيض تماما، وهناك حقيقة مفادها أن الاحترام المتبادل تغير في وقتنا الحاضر وأصبح في الغالب احتراما صوري المظهر جامد الجوهر، بسبب ما أفرزته العولمة وآلياتها، والتي كان لها تأثيرها العام المباشر وغير المباشر، سواء على المجتمعات ككل، أو تأثيرها الخاص على الأسر وأفرادها متمثلة في الوالدين أو أبنائهم من الجنسين.
الاعتبار الإيجابي
وأضاف: أول تأثيرات الاحترام الصوري وأهمها هو الخلل في الاعتبار الإيجابي، أي الاحترام المتبادل القائم على جانبين رئيسيين هما «الوجدان والعقلانية»، وهما معنيان بتأصيل ثقافة الحب واللطف والاهتمام والاحتواء والتفاعل والتكاتف والتماسك والمساندة والمسايرة داخل الإطار الأسري، فأصبحت النتائج تظهر في القصور العاطفي واللامبالاة والتذمر وعدم الاهتمام والأحادية والتمركز حول الذات، بالإضافة إلى التقليد والمحاكاة الخارجية.
امتداد طبيعي
وأوضح أن وجود الأسرة هو امتداد طبيعي للحياة البشرية، وهي أهم عوامل البقاء الإنساني، فكل إنسان يميل بفطرته إلى أن يكون أسرة قوية وناجحة معتزة بذاتها وكينونتها، يجمعها الحب ويحصنها الاحترام الحقيقي الذي يقودها بشكل مباشر وفعال إلى الإسهام في بناء المجتمعات وفق الحضارة الإنسانية، وقال: لا بد من الإشارة إلى أن التطور التكنولوجي وآلياته أوجد ما يسمى «الفجوة الأسرية» بين جيلين مختلفين، هما الوالدين والأبناء، فأصبحت النظرة لكليهما قاصرة ومعتمة نظرا إلى عدة أسباب، منها عدم التقارب وعدم التقبل وعدم التنازل، فبعض الآباء والأمهات غالبا ما ينظرون إلى الأبناء على أنهم غير مبالين وتفكيرهم سطحي ولا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم، في حين أن بعض الأبناء من الجنسين ينظرون إلى الأبوين على أنهما يعانيان التحجر الفكري والجمود المعرفي وعدم المرونة الثقافية، وهنا يضعف الاحترام الحقيقي المتبادل بين الاتجاهين، ويصبح الاحترام صوريا فقط يغلفه الفرض الاجتماعي.
العلاقات الأسرية
وتابع: العلاقات الأسرية خاصة بين الوالدين من جهة والأبناء من جهة أخرى، لا بد أن تعتمد في هذه الحقبة الزمنية بالذات على التنازل والتجاهل كعوامل مهمة في ثقافة البناء والاحتواء، لأن ثلثي التربية تكمن في فن التجاهل، ولذلك أقول إن أي سلوك يمكن للوالدين تجاهله فإنه يجب عليهما تجاهله، والأمر كذلك بالنسبة إلى الأبناء، فكل سلوك يمكن تجنبه فإن عليهم تجنبه أيضا، وهذا يساعد الآباء والأمهات والأبناء على التعلم بالتجربة الذاتية والتعليم بالتجاهل والتجنب، وعلى ذلك يسود الاحترام الحقيقي وبشكل تدريجي بين أفراد الأسرة الواحدة.
فن التجاهل
وأردف: من هذا المنطلق فإن مراعاة الاختلاف الثقافي بين الأجيال تؤدي بالأسرة إلى الاهتمام بكل ما هو مميز، وبالتالي التركيز على السلوك الإيجابي وتعزيزه حتى يصبح عادة الأفراد، لأن المشكلة الحقيقية في الاحترام الصوري والإجباري داخل الأسرة تتضح في عدم الوسطية، فإما تجاهل كامل يولد التنافر أو تركيز كامل يولد الهروب، وكلاهما يؤديان إلى مخرجات سلبية، وللعلم فإن فن التجاهل يقود إلى التقارب ومن ثم الاحترام الحقيقي، وهو المطلوب حتى يصبح الاحتواء ضمنيا، ويصبح التعلم بالنموذج، أي القدوة الحسنة، أساس العلاقة الأسرية، وحتى يكون الاحترام مبنيا على أسس علمية ويحقق أهدافه الإنسانية، فإن هناك أنواعا من السلوك لا يمكن تجاهلها أو التغافل عنها أبدا وهي كل سلوك يختص بأمن وسلامة الأسرة نفسيا واجتماعيا، كالإيذاء والعبث بالممتلكات، فإنه يجب عدم تجاهله، وكل سلوك يخالف القانون والقواعد الأسرية كاللامبالاة والتنمر اللفظي وغير اللفظي والعدوانية فإنه لا يجب تجاهله أو التغافل عنه نهائيا، لأنه قد يصبح مدعاة للتكرار والتقليد.
التنظير والتطبيق
واختتم حديثه قائلا: حتى تتضح الرؤية أكثر، فإن الدراسات النفسية والاجتماعية أثبتت أن الاحترام عبارة عن سلوك متعلم ومكتسب، بحيث يصبح صفة ذاتية كلما آمن بها الفرد وطبقها على نفسه أولا ثم على محيطه الاجتماعي ثانيا، وذلك من خلال عدة نقاط رئيسية كالاستماع والإنصات الجيد وكذلك الاحتفاظ بالأسرار الخاصة والاستقلالية، وأيضا عدم الاستهانة بالقدرات الخاصة والمنجزات سواء الكمية منها أو الكيفية، بالإضافة إلى التعلم والتدريب على ثقافة الاعتذار عند الخطأ، وعدم الاستخفاف بالآخرين والتقليل منهم، وعدم التصلب في الرأي أو التبعية المقيتة، وأخيرا الثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرار بهدوء وعقلانية بعيدا عن التشنجات والصراعات.