يعد الاقتصاد السعودي من أقوى الاقتصادات في العالم، خاصة في مجال الطاقة، ويعتبر البترول المصدر الأساسي للدخل الوطني للمملكة، حيث يشكل أكثر من 80 في المائة من ميزانية الدولة التي تعتمد عليه في مشاريع خطط التنمية الخمسية. وكلما زادت عائدات البترول زادت التنمية في المملكة، لكن تراجع سعر برميل البترول لأسباب سياسية واقتصادية عالمية يؤثر في التنمية الاقتصادية، حيث شهدنا هذا التأثير الحاد في منتصف الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي عندما انخفض سعر برميل النفط إلى حوالي 7 دولارات ما دفع الحكومة إلى تأجيل بعض المشاريع التنموية حسب أولويتها، وبالتالي أثر ذلك على القطاع الخاص الذي يعتمد بدرجة كبيرة على ما تستثمره الحكومة في المشاريع التي تقوم الشركات السعودية الخاصة بتنفيذها.
العلاقة بين سعر برميل النفط ومعدل نمو الاقتصاد الوطني قوية، لذا ينسب الاقتصاديون «اقتصاد السلة الواحدة» للاقتصاد السعودي، لكن هذه العلاقة تضعف تدريجيا بتوسع وتنوع القاعدة الاقتصادية للمملكة، وكذلك بعد تزايد عدد الشركات السعودية العملاقة المشاركة في التنمية. عادة يقلل التنويع الاقتصادي من نسبة المخاطر ويفتح خيارات عديدة أمام الدولة والمواطنين ما يقلل من التأثير السلبي لتراجع عائدات البترول، خاصة تأثيره على سوق الأسهم السعودية الذي يتذبذب عادة بتذبذب سعر برميل البترول.
كانت السنوات الأولى من أوائل السبعينيات الميلادية من القرن الماضي بداية الفكر الإستراتيجي الاقتصادي للتنويع والتحالف الاقتصادي في المملكة مع شركات أجنبية عندما بدأت الحكومة ترسم وتنفذ السياسات والخطط الاقتصادية في قطاع الصناعات البتروكيماوية في الجبيل وينبع للاستفادة من البترول الخام في صناعة المنتجات البتروكيماوية المتعددة التي تقوم سابك بتسويقها في مختلف دول العالم، وذلك من خلال شراكات اقتصادية مع الشريك الأجنبي. لم يكن التفكير في المشاريع البتروكيماوية صدفة، بل كانت النظرة الإستراتيجية الصحيحة تشير إلى أهمية قيام صناعات كيميائية وبتروكيماوية تستمد قوتها التنافسية من كون المملكة أكبر دولة منتجة ومصدرة للبترول في العالم، ناهيك عن امتلاكها لأكبر احتياطي نفطي عالمي.
تحوز سابك اليوم على حصة تنافسية كبيرة في سوق البتروكيماويات العالمية، حيث تعد من الشركات البتروكيماوية المنافسة لكبرى الشركات العالمية. وقد تعدت سابك كونها شركة وطنية لتصبح ضمن الشركات المتعددة الأوطان منذ حوالي ثلاثة عقود. وتتضح هذه النظرة الإستراتيجية في تصريحات المسئولين في سابك، حيث يفكرون عالميا ويعملون محليا. ولقد فتحت السياسات البترولية في المملكة الفرصة لسابك لبناء شراكات وتعاون وتآزرات عالمية مع الشركات الأجنبية العملاقة في مجال البتروكيماويات في أوروبا واليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الصناعية الصديقة.
وكما هي الحاجة للتحالف بين سابك والشركات الأجنبية في مجال البتروكيماويات فإن العديد من الشركات السعودية تبحث في السوق العالمية عن شركاء إستراتيجيين يساندونها وتساندهم لما فيه مصلحة الطرفين. وتنبع الحاجة للتحالف مع شريك إستراتيجي أجنبي من المعرفة الكافية لسوقه وثقافته وسياساته الحكومية وطبيعة اقتصاده وزبائنه وغيرها من أسباب التسويق الناجح.
اختيار الشريك الأجنبي مهمة صعبة لما يحيط بهذه الشراكة من مخاطر استغلال أحد الطرفين للآخر ومعرفته بمزاياه التنافسية والاستفادة منها ضده عندما ينتهي التحالف لأي سبب من الأسباب، لذلك يجب أن تكون صفة التحالف بصيغة قانونية تحمي مصالح الطرفين.
كلية الأعمال KFUPM
@dr_abdulwahhab