أغلب الجامعات والكليات تشترط التحاق طلابها في فترة تدريبية عملية في منشآت القطاع الخاص كمتطلب قبل التخرج، وتلك الفترة لها فوائد كبيرة خاصة في تعريف الطلاب على الفرق بين الحياة الدراسية والحياة العملية، وبالغالب تمتد تلك الفترة ما بين 3 - 6 أشهر، ولها أثر كبير في تطوير مهارات عديدة للطلاب خاصة «المهارات الناعمة» مما يساهم ذلك في رفع فرص توظيفهم في سوق العمل، وفي هذا المقال سأتطرق لوجهة نظري الشخصية عن تقييم تلك الفترة، وهل تعتبر كافية لتقليل الفجوات، التي نعاني منها في سوق العمل؟.
من اطلاع على جميع نشرات سوق العمل، التي يتم الإعلان عنها، يتضح لنا وجود صعوبة في توظيف حديثي التخرج مقارنة بغيرهم، وبحسب المؤشرات نجد أن حديثي التخرج يشكلون النسبة الأكبر من فئات المتعطلين عن العمل، وبتشخيص أعمق نجد أن هناك عدة أسباب رئيسية لهذا الخلل، ومن المهم العمل على تحسينها حتى لا يتم هدر استثمارنا في التعليم.
في الفترة الماضية، طورنا العديد من إستراتيجيات التعليم، ونجحنا في تطبيق إصلاحات عديدة في سوق العمل، ولكن لم نر أي وجود لإستراتيجية خاصة في مرحلة ما قبل الانتقال لسوق العمل لطلاب الكليات والجامعات تستهدف زيادة ثقافة العمل وتطوير المهارات لبناء أجيال مختلفة ومميزة عن الأجيال السابقة، وقد يكون علاج هذا الخلل بشكل غير مباشر من خلال برنامج تنمية القدرات البشرية، الذي تم الإعلان عنه مؤخراً، ولكن يبقى هذا الملف أحد أهم مسؤوليات وزارة التعليم.
كوجهة نظر شخصية أرى أهمية لوجود إستراتيجية خاصة في مرحلة ما قبل الانتقال لسوق العمل تختص في «التلمذة المهنية»، ومن المهم أن ترتكز على 3 محاور رئيسية، المحور الأول يتعلق بمدة ومتطلبات التدريب التعاوني أو التدريب الصيفي للطلاب قبل تخرجهم، وذلك من خلال رفع مدة فترة التدريب، والمحور الثاني يتعلق بإلزامية العمل التطوعي لساعات محددة سنوية أثناء المرحلة الدراسية، والمحور الثالث يتعلق بوجود وثيقة خاصة للمهارات لكل طالب من طلاب المملكة تحتوي على ملخص لأهم المهارات، التي تم تدريبه وتطويره عليها خلال المرحلة الدراسية، بالإضافة للبرامج التي شارك فيها خلال نفس المرحلة، وتعتبر تلك الوثيقة كداعم إضافي له بجانب شهادته العلمية، ومن المهم أن يتم ربط ما ذكرته أعلاه في السجلات الرسمية كمنصة «أبشر» ومنصة «قوى»، التي أطلقتها مؤخرا وزارة الموارد البشرية.
تطبيق إستراتيجية «التلمذة المهنية» سيساهم بشكل كبير في رفع معدلات التراكم المعرفي في سوق العمل، الذي عانى من ضعف في دوران التراكم المعرفي وبطء في تطوره، وسيسهل من زيادة تواجد المشتغلين السعوديين في نفس تخصصاتهم بشكل أكبر في سوق العمل مما يقلل من معدلات البطالة، ويقلل من وجود العمالة الناقصة.
ختاماً؛ الوضع الحالي للتعليم لا يكفي لتقليل الفجوات في سوق العمل، فعلاقة التعليم بسوق العمل تعتبر علاقة تكاملية، وأساس تلك العلاقة ينبغي أن ينصب على «الميدان» بشكل أكبر من الاعتماد على «التعليم بالقاعات».
@Khaled_Bn_Moh