صلة الأديب العربي بتراثه صلة لا يختلف عليها اثنان، وليس بخاف أن أدبنا العربي المعاصر بمختلف مناحيه لن يحقق هويته إلا بقدرته الذاتية على التأثير على «الغير» من خلال خصوصيته المعرفية من جانب، وانفتاحه على العالم من جانب آخر، والانفتاح لا يقوم في أساسه إلا على قواعد راسخة تضمن له التأثير المطلوب دون أن يفقد شيئا من خصوصيته، وهذا يعني أن الأساليب الانفتاحية تتمثل في جوهرها من خلال جوانبه الفنية كأهم مسلك من مسالكه، فثمة تحولات مشهودة على أرض الواقع لها تأثيراتها الواضحة على المسارات الأدبية في كل قطر ومصر، وهو أمر لا بد أن يدفعنا لإعادة النظر بجدية في كل الوسائل المطروحة، التي بإمكانها أن تبرز الأوجه المضيئة لأدبنا، فكما تمكنت المرجعيات القديمة للأدب العربي من مواجهة ثقافات كثير من الأمم والشعوب، فإنها قادرة بإذن الله على مواجهة جديدة.
وأظن أن من الصعوبة بمكان أن نبحث في عالمية الأدب العربي بمنأى عن مرجعيته المعرفية المنبثقة في أصلها من مركزية واضحة متأصلة في تراثه الروحي والمادي على اعتبار أنها مركزية غير منفصلة عن نهجها الإسلامي الواضح المعالم، وقد استطاعت دون شك أن تقوم بأدوارها الثقافية الفاعلة في دول الشرق والغرب، ورغم ضياع الحضارة العربية بسقوط الأندلس وانقسام الإدارات العربية إلى دويلات وارتباطهما بوقف المد العالمي للمرجعية الفكرية العربية في شتى خطاباتها الأدبية إلا أن ذلك لا يدعو للدخول إلى عالم التشاؤم باستحالة تأثير المرجعيات الأدبية العربية على «الغير»، فتنشيط الدور العربي الحضاري بكل اتجاهاته أمر ممكن من خلال توحيد الرؤية والاتفاق على النهوض بحدودها الدنيا إلى أن تتم تقوية مساراتها وإعادة تأثيرها على ثقافات الغير من جديد.
mhsuwaigh98@hotmail.com