يلفت نظرك أحيانا أحد أفراد أسرتك الصغار وهو يأبى إلا أن يستخدم يده اليسرى حين تناول طعامه أمام أعين والديه وهم في الوقت نفسه يحاولون ثنيه عن ذلك، هذه الحالة شاهدتها مع ابن ابنتي بنان عند زيارتي لها بالرياض إذ كانوا يرونها من منظورهم حالة مزعجة مما جعلهم يجندون سلطتهم على إجبار طفلهم باستخدام يده اليمنى التي يلقى بها صعوبة خاصة وهو في بداية مراحل نموه الأولى باعتباره مخالفا لديننا الحنيف الذي يدعو إلى التيمن وبالذات عند الأكل والشرب، وكنت أخشى عليه من الآثار السلبية عند إجباره على استخدام يده اليمنى مما يجعله يواجه معوقات غير عادية ربما تؤثر على كثير من تفاعلاته النفسية والصحية.
ومن الطرائف في هذا المجال ما ذكره معلم اللغة الإنجليزية للصف الأول الابتدائي في أول حصة حينما قال لهم إن هذه اللغة تكتب من اليسار لليمين ولأني أكتب باليد اليسرى بدأ الطلاب بتقليدي بالكتابة باليد اليسرى بكل صعوبة لأنهم فهموا أن يكتبوا باليد اليسرى مثلي !
والحقيقة فلا غرابة إذا اهتم بالعسر بعض العلماء وقدموا عددا من النظريات والدراسات لما هو مسبب لذلك سواء كانت من جانب علاقة ذلك بالدماغ كما يقولون أو من جانب ارتباطه بالعمود الفقري أو غيرهما من المسببات الأخرى والتي لا تتعدى كونها احتمالات لفئة نادرة لا يتجاوز عددهم ١٠ ٪ وإلا فلا يمكنك التفريق بين الخطوط التي كتبت باليد اليسرى أو باليد اليمنى، والمسلم به أن الأعسر قد يجد صعوبة في دراسته لكنه ما يلبث أن يتأقلم مع أقرانه كلما تقدم به السن وربما يفوقهم كما حدث لكثير من السياسيين كأمثال قيصر روما وهتلر ونابليون وتشرشل وغاندي وبوتين وكثير من زعماء الولايات المتحدة والعائلة المالكة البريطانية وكذلك الكثير من الفنانين العسر من عهد أرسطو إلى أينشتاين مع ما يضاف لهم من المبدعين في المجال الرياضي !.
والحقيقة فإن الأعسر اليوم لا يختلف عن غيره لا في الذكاء ولا في القدرات بعكس الاعتقاد السائد قديما الذي كان يصفه بالدونية أو يصنفه من ذوي الإعاقة، والتاريخ لو اطلعت فيه عنهم، فهو طويل وجميل والأشخاص كما أشرنا موجودون ومؤثرون والذي يظهر هنا أن من يستخدم يده اليسرى إن لم تكن له ميزة أو خصوصية فلا تعد عيبا ولا تدعى مرضا بدليل ما رأيناه لأساطير حكموا العالم باليد اليسرى.
@yan1433