هناك العديد من العوامل التي تؤثر على القلق في أوقات الجائحات، و«علاج القلق في زمن الأزمات» هو بالمناسبه عنوان آخر كتاب صدر لي عن دار ريادة للنشر. وهذ العلاج يعتمد على عدة عوامل منها اختلاف مسببات القلق، شدة الأعراض ومدتها، وجود أمراض مصاحبة نفسية أو طبية إضافة إلى وجود العوامل الإيجابية عند المريض، إضافة إلى توافر طرق العلاج المقترحة. وعادة ما يشكل العلاج غير الدوائي مثل العلاج النفسي؛ السلوكي المعرفي، الدعم النفسي، التمارين الرياضية عنصرا مهما جدا. ويشكل العلاج النفسي والدوائي حجري الزاوية في إدارة القلق، ولكن اختيار أحدهما أو كليهما يعتمد على عدة عوامل مثل تفضيل المريض، قدرة المريض على الانخراط في العلاج، شدة المرض، مهارات الأطباء وخبراتهم، ثقة المريض بالعلاج المقدم له وتعاونه مع المعالج وثقته به، توافر العلاج بأنواعه، استجابة المريض لأنواع سابقة من العلاج ووجود اضطرابات طبية أو نفسية مرضية، إضافة إلى ذلك قد تكون المعلومات المتعلقة بعناصر تتعلق بالمساعدة الذاتية مثل الكتب أو مواقع الإنترنت المعروفة والموثقة علميا غير ربحية مفيدة أيضًا. وسأعرض باختصار علاجات القلق السلوكية المبنية على البراهين العلمية.
يلعب العلاج غير الدوائي دورا مهما وفعالا في إدارة القلق والاضطرابات ذات الصلة وبشكل عام بغض النظر عما إذا كان يتم إجراء علاج نفسي رسمي، يجب أن يتلقى جميع المرضى التثقيف والتعليم والدعم والتشجيع على مواجهة مخاوفهم. فقد بينت دراسات محكمة نجاعة العلاج غير الدوائي في علاج وتحسين مختلف أنواع القلق. ومن أشهر طرق العلاج النفسي وأكثرها فاعلية؛ العلاج السلوكي المعرفي (CBT) وتعتمد النظريات السلوكية المعرفية على افتراض أن اضطرابات القلق قد تكون ناتجة جزئيًا عن الإدراك المعرفي المشوه أو غير المنطقي أو غير الواقعي للأحداث والمواقف. وتأكدت فعالية العلاج السلوكي المعرفي في العديد من التجارب السريرية والأبحاث المقننه. ويمكن تقديم العلاج المعرفي السلوكي بشكل فعال إما كعلاج فردي أو جماعي لمعظم اضطرابات القلق. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت مجموعة متنوعة من تنسيقات هذا التدخل الموجه ذاتيًا مثل كتب العلاج السلوكي المعرفي / المساعدة الذاتية، أو البرامج المقدمة على الإنترنت مع أو بدون الاتصال بالمعالج تحسنا كبيرا في أعراض القلق. كما بينت دراسات علميه أيضا أن أسلوب العلاج الذي يتضمن التعرض لمسببات القلق وإعادة الهيكلة المعرفية وتقنيات العلاج المعرفي السلوكي الأخرى أكثر الأدلة اتساقًا على الفعالية في علاج اضطراب الهلع ويستغرق العلاج السلوكي المعرفي لاضطرابات القلق من عشر إلى عشرين جلسة.
النوع الثاني من العلاج غير الدوائي هو العلاج النفسي الديناميكي النفسي عبارة عن مجموعة من تقنيات العلاج ووجهات النظر النظرية المبكرة التي بدأها سيجموند فرويد (1856-1939) وزملاؤه حيث يقوم المعالج بالاستكشاف المتعمق لعالم المريض الداخلي ومشتقات ذلك العالم الداخلي في عالم المريض وحياته اليومية. ويوجد العديد من النماذج النظرية التي يستخدمها المعالجون النفسيون وهي مصممة خصيصًا للخصائص المحددة للمريض مع فكرة أنه لا يوجد إطار مفاهيمي واحد يشرح كل علم النفس المرضي ولكن يتمثل أحد الجوانب المهمة للعلاج النفسي الديناميكي في استخدام ما يحدث في العلاقة العلاجية كبيانات أولية لفهم ما يحدث في العلاقات خارج العلاج. ينطلق هذا النوع من العلاج من الفرضية القائلة بأن المرضى الذين يعانون من اضطراب القلق العام لديهم علاقات غير آمنة وأن أعراضهم العقلية ناتجة عن صراع مركزي في العلاقات والأفكار ويتم استغلاله لأغراض علاجية، ودلت الدراسات أن هذا النوع من طرق العلاج فعال لعلاج الرهاب، القلق العام والقلق الخاص. وأخيرا ينصح بممارسة الرياضة كعلاج لاضطراب الهلع مثل التمارين الهوائية، والركض لمسافة خمسة كيلومترات ثلاث مرات في الأسبوع ولكن ليس كعلاج وحيد حيث وجد أن فعالية التمارين الرياضية وحدها أقل من الدواء. كما ينصح بتجنب الكافيين والمنبهات مثل القهوة والشاي والمشروبات الغازية فقد ثبت علميا أن الأشخاص الذين يعانون من القلق يعانون من حساسية مفرطة للمنبهات. سأتطرق بإذن الله للعلاجات الدوائية للقلق في مقال قادم.
@almaiahamda2