الأعمال أصبحت عالما صوفيا، مهيمنا على الحياة بقوة مكائن توليد الأموال وشغف جمعها. وتشكل في الغرب عالما من التهويمات، له طقوسه وثقافته وتجلياته ولغاته، وحتى موضاته التي يتولع بها كثيرون في الشرق الفاغر فاه، الجائع الأكول لكل تقليعات الغرب وأطواره، ما صلح منها وما فسد.
مذيعة في إذاعة عربية، يبدو ضلت طريقها وارتمت في خضم أمواج الأعمال، وتشكل لديها فهم خاطئ. فهي تطلق صفة «رواد الأعمال» على البائعين. وهذا خطأ شائع في «الميديا» العربية بالذات. وكانت تسرف في إطلاق صفة «رواد الأعمال» و«رائد الأعمال» وتكررها كل عشر ثوان تقريبا، وأحيانا تركبها في جمل غير مفيدة على الإطلاق. وتأكدت أنها تقصد بـ «رائد الأعمال» كل من يفتح متجرا أو يبيع.!. وكانت تقدم نصائح بعضها مستورد من مستعرضات، وبعضها، يبدو من «كيسها» الخاص.
يفترض أن تفهم المذيعة الهمام والسابحون في بحور الأخطاء الشائعة، أن صفة «الرائد» في الأعمال وغيرها، لا تطلق جزافا ولا توزع «سبيلا» في الشارع من أجل ثواب الوالدين. فالرائد هو الذي اكتسب خبرة ومهارات مهنية خاصة وشكل، على مدى سنين، فلسفته الفكرية وإبداعاته المهنية في النجاح المتفرد، ليقدم نفسه أنموذجا ومثلا يحتذى، وليس الذي يفتح دكانا أو مقهى أو عربة بيع ليطلق عليه في اليوم التالي «رائد أعمال»، ولا الذي يتسلف من البنك أو من والديه لافتتاح متجر، كي يقتات به طعام يومه. ولا فاشينستا ملطخة بالأصباغ، تستعرض ملابسها وإعلانات المستهلكات وأجنحة مبايع، وأضل سبيلا.
وأصبحت صفة «رائد» رخيصة ومجانية مثل صفة «أستاذ»، التي تطلق على أي عابر سبيل. ويغيظني، أيضا أن «أستاذ» تطلق على مسئولين، أحيانا، بينهم وبين الأستاذية جبال من نار وبحور ومسافات سرمدية. ويفترض أن «الأستاذ» تطلق فقط على المعلم في المدارس والجامعات، وأحيانا لا بأس أن تطلق على المهرة النابغين في مجالاتهم.
* وتر
صوتها، المطر..
وألف قلب تشدو لغيوم في العلو وماء..
والأرض الظمأى، تحتفي بهتان وديم
إذ الثرى، كنز الله، يتنفس كما أفئدة أوجعها الهجير والهجر..
@malanzi3