سلّط الفن التشكيلي السعودي طيلة سنواته الأخيرة بالخصوص الأضواء على المملكة وثقافتها الوطنية، حتى أصبح من خلالها الفن مرآة عاكسة للتطور والوعي والنهضة والتواصل البصري بين المملكة والعالم، ما ساعدها على العبور من رؤى البحث عن التميّز محليا وإقليميا إلى التألق دوليا وتحقيق الانفتاح الثقافي بمنجز سعودي حقيقي وابتكارات قادرة على مواكبة أساليب التعبير البصرية العالمية والتفوّق عليها بجودة إبداعية وثقة أكيدة في النجاح.
فكثيرا ما أبهر المنجز الفني السعودي العالم وتفوّق حتى على التجارب العربية، ومثّل المنطقة بمختلف المشاركات التي جمعته ندا لند مع تجارب عريقة في الفنون، وهو ما شاهده الجمهور المتلقي في مشاركات الفنون السعودية في أعرق البيناليهات نذكر طوكيو، إسبانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، الإمارات، الشارقة، وإيطاليا، إضافة إلى التألق ضمن ملتقيات الفنون البصرية وفي مشاركات الجناح السعودي في إكسبو دبي مؤخّرا ما حوّل الأنظار نحو المنجز الفني السعودي ومميّزاته وعلاماته وخصوصياته بكل تفاصيل الهوية والتراث والابتكار فيها وهو ما يحسب للفنون السعودية، خاصة أن الفنان السعودي أصبح قادرا على منافسة أسعار كبرى الأعمال الفنية العالمية والعرض بمتاحف العالم، بالإضافة إلى الأعمال التي كانت حاضرة في كبرى مزادات الفنون الدولية كريستيز وسوذبيز وغيرها.
ولعل التواصل مع العالم فنيا يحتاج إلى إستراتيجية متوافقة ومتوازنة داخليا وخارجيا بإمكانها أن تستطع أكثر بالفنون وتدفع الفنان السعودي ليكون واثقا من حضوره وقادرا على المنافسة، سواء بخوض التجريب والاطلاع على التطورات البصرية أو بالاهتمام بحركة الفنون في العالم وأشهر مدارسها والتطوّر معها ومع متطلبات العصر في التقنيات والأساليب.
كما أن لوزارة الثقافة دورها المؤثّر على حركة التسويق وانتشار اسم الفنان من خلال عرض الأعمال وتقديم بطاقات تعريفيةعنها وتوجيه الصورة والتعاون الإعلامي المرئي والمسموع والمكتوب والإلكتروني وتكثيف حركة التسويق محليا والتواصل مع مقتني الفنون، وضرورة التعريف بالتاريخ الفني السعودي وتقديم حلقات تكوين في خصوصيات التسويق الفني والاستثمار في الفنون وتعزيز فكرة الاقتناء، كذلك بتسليط الضوء على دور المزاد الفنية ومحاولة فتح مكاتب وفروع لها في المملكة وخلق تعاون ثقافي معها قادر على الترويج الدولي للفنان السعودي، وخلق فرص التواصل مع الخبراء الفنيين والنقاد والصحفيين المختصين في هذا المجال وتأهيل فريق صحفي قادر على نقل صورة وتاريخ الفن السعودي، وكذلك تكثيف ظهور الفنانين وخلق نواة بصرية للتعريف بالحركة التشكيلية السعودية في الداخل والخارج، قد يكون أحدها هي المواقع الإلكترونية المتعددة اللغات، التي تبرز كل فنان مع تفاصيله وتاريخه.
إن الفنان السعودي له دوره الحقيقي في النهضة الثقافية وفي فرض تفاصيل الوعي والاعتراف بكل مجهود بصري وجمالي، فهو عنصر فاعل في الحركة الثقافية، خاصة أنه استطاع أن يبلور الثقافة والهوية في حركته وألوانه وحضوره وانتمائه الحقيقي لهذه الأرض.
@yousifalharbi