«الطلب على البنزين والديزل عاد تقريبا إلى مستويات ما قبل الوباء».. بيير بريبر، المدير المالي لشركة شيفرون
«هذا الانتعاش، الذي توقعنا حدوثه في مرحلة ما، يظهر الآن وفي وقت أقرب مما توقعنا».. دارين وودز - الرئيس التنفيذي لشركة إكسونعادت شركات النفط الكبرى إلى طريق الربحية خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث تعافت من تراجع الطلب غير المسبوق على النفط والغاز، الذي نجم عن جائحة فيروس كورونا.
وتعززت نتائج الشركات بفضل ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الأولى من عام 2021، في الوقت الذي خففت فيه دول العالم من إجراءات الحجر الصحي الناتجة عن فيروس كورونا.
وأعلنت أكبر شركات النفط الأوروبية، مثل: توتال أس إي، ورويال داتش شل بي إل سي، وبريتش بتروليوم بي إل سي، عن أرباحها في وقت سابق من الأسبوع، بعدما تكبّدته تلك الشركات من خسائر فادحة خلال العام الماضي.
وقال دارين وودز الرئيس التنفيذي لشركة إكسون في مقابلة، يوم الجمعة الماضي: «هذا الانتعاش، الذي توقعنا حدوثه في مرحلة ما، يحدث الآن وفي وقت أقرب مما توقعنا». وأضاف: «في ظل إعادة فتح الاقتصادات، وانتعاشها بشكل أسرع في بعض الأماكن مما كان متوقعًا، نشهد استجابة في الطلب».
وعانت شركات النفط من إحدى أسوأ سنواتها المدرجة في السجلات خلال عام 2020، حيث أدت إغلاقات كوفيد-19 إلى توقف الطلب على النفط والغاز، في ظل انخفاض حركة السير على الطرق البرية والجوية بشكل كبير. وأعلنت شركة إكسون عن أول خسارة سنوية لها في التاريخ الحديث خلال عام 2020، والتي بلغت حوالي 22 مليار دولار.
لكن في الآونة الأخيرة تصاعد التفاؤل الحذر بأن النشاط الاقتصادي العالمي قد يعود إلى مستويات ما قبل الوباء في وقت لاحق من هذا العام، حيث أصبحت اللقاحات متاحة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.
وقال بيير بريبر، المدير المالي لشركة شيفرون، إن الطلب على البنزين والديزل عاد تقريبًا إلى مستويات ما قبل الوباء، وأن وقود الطائرات هو الفائض الوحيد المتبقي، كما أن هناك مؤشرات قوية على أن السفر الجوي المحلي داخل الولايات المتحدة آخذ في الارتفاع.
وأضاف بريبر في مقابلة: «بينما نتطلع إلى الأمام، يبدو الربعان التاليان في حالة جيدة للغاية». واستطرد: «نشعر بالرضا عن قدرتنا على جني الأموال».
وانخفض صافي دخل شيفرون بنحو 62٪ مقارنة بنفس الربع من العام الماضي، لكنه شكّل زيادة كبيرة مقارنة بالخسارة التي مُنيت بها الشركة في الربع الأخير من العام الماضي، والتي تقدر بنحو 665 مليون دولار.
على الجانب الآخر، بلغت أرباح شركة إكسون 2.7 مليار دولار مقارنة بخسارة قدرها 610 ملايين دولار قبل عام. وتضاعفت أرباح شركة بريتيش بتروليوم أكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالربع السابق، لتصل إلى ما يقرب من 4.7 مليار دولار، وسجلت شركة شل أرباحًا بلغت حوالي 5.7 مليار دولار.
وتحركت أسعار أسهم أكبر شركات الطاقة في العالم جنبًا إلى جنب مع أسعار النفط، التي انتعشت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. وارتفعت أسعار النفط في الولايات المتحدة بنحو 77٪ خلال الأشهر الستة الماضية، في حين ارتفعت أسهم إكسون وشيفرون وبريتش بتروليوم وشل مجتمعة بنحو 60٪.
واقتربت أسعار النفط الأمريكي، يوم الخميس الماضي، من أعلى مستوى لها في ستة أسابيع عند حوالي 65 دولارًا للبرميل، لكنها تراجعت بنسبة تبلغ حوالي 2.6٪ يوم الجمعة، حيث يتوقع المتداولون حدوث زيادة في مخزونات النفط الخام والبنزين. وانخفضت أسعار أسهم إكسون وشيفرون وبريتش بتروليوم وشل مجتمعين بنسبة 2٪ يوم الجمعة.
وقال بيجومار تونهاوجين، المحلل في شركة ريستاد إنرجي، إن تراجع التفاؤل بشأن انتعاش الطلب على النفط والغاز جاء بسبب المخاوف الناتجة عن الارتفاع السريع في أعداد حالات كوفيد-19 في الهند وأمريكا الجنوبية. ووفقًا لشركة ريستاد، فقد يؤدي انخفاض النشاط الاقتصادي في الهند وحدها إلى تقليص ما يصل إلى 900 ألف برميل من النفط يوميًا من الطلب العالمي.
وأضاف تونهاوجين: «في الوقت الحالي، يساعد التفاؤل على ارتفاع الأسعار، لكن كل متداول يصب تركيزه الآن على الهند». وأضاف: «كبار متداولي النفط ظهروا مرة أخرى، ولكنهم لا يشعرون على الأرجح بالثقة والاطمئنان».
ونتيجة للأرباح المتزايدة، عززت شركات شيفرون وبريتش بتروليوم وشل من مدفوعاتها للمستثمرين. وفي يوم الأربعاء الماضي، رفعت شركة شيفرون توزيعات أرباحها الربعية بنسبة 4٪، في حين رفعت شل أيضًا توزيعات أرباحها بنسبة 4٪، وهي ثاني زيادة تتخذها شل منذ خفض توزيعات أرباحها خلال العام الماضي. وقالت شركة بريتيش بتروليوم إنها ستعيد شراء أسهم بقيمة 500 مليون دولار، بينما حافظت توتال وإكسون على توزيعات أرباحهما ثابتة.
وأثرت موجة الصقيع التي استمرت لمدة أسبوع في ولاية تكساس الأمريكية، وتسببت في قطع الكهرباء عن ملايين الأشخاص خلال شهر فبراير، على أرباح العديد من الشركات، التي تنتج النفط في الولاية، وتمتلك مصانع لتحويل الهيدروكربونات إلى وقود ومواد بلاستيكية هناك.
وسجلت وحدات التكرير والكيماويات التابعة لشركة شيفرون أرباحًا بقيمة 5 ملايين دولار، بانخفاض عن 1.1 مليار دولار قبل عام. وقال مايك ويرث، الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون، إن العاصفة الثلجية في فبراير واستمرار تأثير الوباء هما السبب في هذا التراجع الكبير. وقالت شيفرون إن العاصفة تسببت في خسارة 300 مليون دولار من أرباحها بشكل إجمالي.
وفي سياق متصل، أوضحت إكسون إن الطقس القاسي قلل من أرباحها بنحو 600 مليون دولار. وعلى النقيض من ذلك، عزا المحللون الأداء القوي لوحدة التداول التابعة لشركة بريتيش بتروليوم إلى قدرتها على الاستفادة من التقلبات الكبيرة في الأسعار خلال العاصفة.
وعلى الرغم من تحسن الظروف، تعهدت شركة شيفرون بالحفاظ على تقشف النفقات الرأسمالية. وقال ويرث إن الإنفاق الرأسمالي انخفض بنسبة 43٪ خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي، مشيرًا إلى عملية إعادة الهيكلة التي مرت بها الشركة خلال العام الماضي، ونتج عنها تسريح ما يصل إلى 15٪ من قوتها العاملة. وفي الإطار ذاته تعهدت شركة إكسون أيضًا بتطبيق ضوابط مالية، قائلة إن خطتها لخفض الإنفاق الرأسمالي السنوي بنحو 30٪ لم تتغير.
ويشكك بعض المستثمرين بشدة في انتعاش قطاع النفط، على الرغم من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وفقًا لبول سانكي، محلل النفط والغاز المستقل.
ولا تزال أسعار أسهم معظم الشركات تتداول دون مستويات ما قبل الوباء، حيث يقوم المستثمرون بتقييم الخطط التي تضعها شركات النفط؛ للتأقلم مع اللوائح العالمية المشددة بشأن انبعاثات الكربون.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بخفض الانبعاثات الأمريكية بنحو 50٪ مقارنة بمستويات 2005 بحلول عام 2030، مستهدفًا تقليص غازات الاحتباس الحراري التي تنتج عن محطات الطاقة والمباني وقطاع النقل.
وقال وودز، يوم الجمعة الماضي، إن شركة إكسون تتواصل مع المسؤولين بشأن سياسة المناخ، وحثت الحكومة الأمريكية على وضع سياسة لتحديد سعر للكربون، وهو أمر تقول الشركة إنه سيحفز الاستثمار في تقنيات الحد من الكربون.
على الجانب الآخر، قال سانكي إن القطاع حقق نتائج سيئة لسنوات في أعمالهم النفطية الأساسية قبل الوباء، مما جعل البعض يشك في إمكانية جني الأرباح من الطاقة المتجددة أو تقنيات الطاقة، التي تسعى لتقليل انبعاثات الكربون، وهو ما وعدت به بعض الشركات.
واختتم سانكي: «سجلهم الحافل ليس جيدًا بما يكفي بالنسبة لهم للدخول في مشروع بيئي جديد، لأنهم أدوا بشكل سيئ في المشروع القديم».