القيم التربوية ثابتة وجزء منها متغير وذلك على حسب ثقافة البيئة والعادات والتقاليد المحيطة. ولكل زمان ومكان أدوات تربوية متغيرة بناء على التطور الحاصل الذي يواجهه الإنسان والمجتمعات بأنواعها. ونحن في هذا الزمن فإننا نتقارب كثيراً في أدواتنا التربوية وذلك بسبب العالم التقني الذي فرض نفسه علينا. وفِي مجتمعنا، فإن اجتهادنا على الحفاظ بالقيم التربوية ومبادئها يجب أن يكون مرناً. لأن ما نواجهه من صراعات ومفاهيم تربوية دخيلة تحتاج إلى الحكمة في كيفية التصرف معها.
موجة المفاهيم المغلوطة التي يروج لها البعض في وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تؤثر على عقول وعواطف أبنائنا. وأصبحت المفاهيم القيمة تتشوه بسبب تحريف البعض فيها، أو إسنادها إلى مصادر سطحية. وأصبحت هناك لغة خاصة إما رمزية أو تمثيلية أو تصويرية يستخدمها البعض للترويج عن أفكار مسمومة، قد لا نستوعبها. ولكن يستجيب لها أبناؤنا إذا تخاذلنا في الإشراف عليهم تربوياً وتوجيههم إلى الطريق الصحيح.
على سبيل المثال، النظرية النسوية تقتصر نوعا ما على توثيق صوت المرأة وإبراز قيمتها في وقت همّش المجتمع دورها. بمعنى، أن النظرية كانت قائمة على المساواة في حقوقها مع الرجل مع مراعاة التفاوت الفطري بينهما. ولكن مع مرور الزمن، بدأ المعنى العام لهذه النظرية يأخذ مسارًا مختلفاً بعيداً عن السبب الأساسي لظهورها وتداخلت الأسباب وتُرجمت مفاهيمها بطرق ملتوية لغرض تدمير بعض المجتمعات أو الشعوب.
وللأسف هناك أفكار متطرفة يروج لها ضعاف النفوس سواء من الخونة أو مُضطربي الهوية الذين يسعون جاهدين في نشر أهوائهم تحت مسمى الحُرية. وهذه السموم الفكرية أثرت على بعض من أهملته الأسرة ليكون سلوكه المُستحدث رمزاً جديداً يراه الصغار مسلكاً طبيعياً يمكن اتِّباعه مستقبلاً. من وجهة نظري، فإننا لا نستطيع أن نتخلص من هذه السموم المختلفة ولكننا نستطيع أن نحمي أطفالنا والأجيال القادمة منها.
أولاً علينا، أن نعيد صياغة المفهوم التربوي بعيداً عن التلقين ليكون الحوار هو الْمُحرّك لوظائف العقل ويكون القلب هو الطاقة المُعززة لهذه الحركة. ثانياً، وبما أن الأدوات والوسائل التربوية متوفرة فإن وظيفة الوالدين هي الإشراف والتوجيه وسنّ القوانين الخاصة. فالمراقبة عن بُعد -بالخفاء- قد تزيد من نسبة مشاعر عدم الأمان بين الأفراد فيؤدي ذلك إلى انعدام الثقة. ثالثاً، الحرص على الوعي ويتم ذلك وكما أشرت مسبقاً بالحوار الذي يساعد العقل على النقد والتشكيك للوصول إلى نتيجة يقينية يُنتجها القلب بالفطرة. وغيرها من الأمور التي تعين أفراد الأسرة على جعل التربية أكثر مرونة ليتم تحقيق الغرض السامي منها بإذن الله.
FofKEDL@