المجتمع السعودي مجتمع عربي مسلم متسامح متعايش بكافة أطيافه وألوانه ومذاهبه، كأنه البنيان المرصوص، كما وصف الله تعالى عباده المؤمنين، مجتمع يحترم الجار والصديق والزميل، وشيمه وقيمه الكريمة تحمله على الترحيب بالغريب بل العفو عن العدو إذا ظفر به أو جاءه معتذرا من الذنب، فكيف الحال بابن الوطن والجار والصديق.
ومما لا شك فيه أن اللحمة الوطنية السعودية قد أسست بنية اجتماعية صلبة متكاتفة مع قيادتها بكل حب وصدق وإخلاص، وكان لها الدور الأبرز في تشتيت جمع الدخلاء ورد كيد الكائدين للوطن وأمن الوطن، وهو الأمر الذي يحتم علينا الحفاظ على النسيج المجتمعي المتجانس من خلال التصدي لفئة قليلة شاذة بدأت تنشر فكرا متطرفا وعنصريا بغيضا يربط ارتكاب كل خطأ أو مخالفة نظامية أو أي سلوك لا يروق لها بأصل الشخص وخلفيته العرقية أو المذهبية أو المناطقية، فتدعي أن ذلك الخطأ أو السلوك أو تلك المخالفة خيانة للوطن سببها أصل أو عرق أو مذهب أو منطقة ذلك المواطن المخطئ أو المخالف للنظام، وهو أمر أخشى أن يصبح ثقافة للتخوين والتراشق قد تؤدي إلى شق وحدة صف هذا المجتمع الأبي المتسامح الذي يتفتق أهل البادية والجبال فيه مروءة وحمية، وأهل الحاضرة والساحل جودا وحكمة.
العنصرية سلوك نشاز يتعارض مع النظام الأساسي للحكم، الذي نصت المادة (١٢) فيه على أن: «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة ما يؤدي إلى الفرقة والفتنة والانقسام»، ولقد زادت شرور هذه العنصرية بما تطرحه عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتشويه سمات الجمال والتسامح المتعارف عليها في مجتمعنا المتآلف المتماسك المتحاب منذ تأسيس هذه البلاد المباركة.
إن إصدار نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية، ونشر ثقافة احترام كافة الأعراق والمذاهب في وسائل الإعلام ومراحل التعليم العام أضحى ضرورة ملحة لوأد هذه السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا السعودي العربي المسلم الكريم. فالأصل الطيب سجية تنعكس لا محالة على محيطها وتعطره بحسن الخلق والإحسان إلى المجتمع.
ولقد أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن ندع العنصرية لأنها منتنة وتتنافى مع مكارم الأخلاق التي بعث بها بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم-.
falkhereiji @