تتسابق مؤسساتنا الحكومية والخيرية والخاصة على توقيع عقود الشراكات المجتمعية، بحيث لا يكاد يمر يوم حتى ترى صوراً لتوقيع شراكات بين مؤسستين في نفس القطاع، أو في قطاعين مختلفين، ولا شك أن تزايد توقيع الشراكات مما يسعد ويسر، فهي تعاون واعتماد متبادل بين مؤسستين لتحقيق أهداف مشتركة لها عائد إيجابي على الطرفين، وبالتالي على الوطن، ومن الجميل أن نسير نحو المستقبل بمؤسسات متكاملة تسعى لتحقيق أهدافها بأقل وقت وجهد ومال، كما أن في هذه الشراكات تميز للشريكين بتميز أهدافهما، وتقوية لجوانب الضعف، التي لا يخلو منها جهد بشري، وتبادل للخبرات ورقي بالمجتمعات، فالمجتمعات تتميز بتميز مؤسساتها وتتقدم بتعاونها، كما أن في هذه الشراكات بقاءً للمؤسسات في مواجهة التحديات، التي تتزايد يوماً بعد يوم، وهي معيارٌ للتميز، فكلما كانت الشراكات متميزة كانت المؤسسة متميزة.
كل ذلك جميل ولا يكاد يختلف عليه اثنان، ولكن حتى لا تكون سعادتنا بهذه الشراكات منقوصة لا بد من السعي لتفعيل بنودها وتحقيق أهدافها، فالشراكات ليست مجرد برستيج أو فقرة من إنجازات المؤسسة، بل هي علاقة تعاونية إلزامية تسعى لتحقيق أهداف مشتركة ومنافع متبادلة، فإن لم يلتزم كل طرف بما عليه، ويتم تبادل المنافع بين الشريكين من توقيع العقد، فما الفائدة من التوقيع؟!
ولكي تكون الشراكة واقعاً فعّالاً لا توقيعاً جامداً لا بد من أمور:
أولها فعالية القائدين وقيامهما بدورهما، ولا أبالغ إن قلت إن القائد يحيي الشراكة باهتمام ويميتها بكلمة، ولذلك لابد أن تحظى كل مؤسسة من المؤسسات الموقّعة بقيادة فعّالة تسعى للشراكات المتميزة وتوقعها وتترجمها بخطوات تنفيذية، أيضاً يجب أن تكون الشراكة مدروسة ووفق احتياج الطرفين لا حسب الرغبة أو لأن غيرنا وقع فنوقع، فأساس الشراكة أن يبحث كل طرف عن تميز في مجال معين لدى الطرف الآخر يستفيد منه ويدعم نقصه فيه، وأيضاً لا بد من تفعيل بنود الشراكة بتشكيل الفريق النشط، الذي يحوّل البنود العامة إلى خطة عمل بتوقيت زمني واضح ومسؤوليات محددة، مع التقويم المستمر للخطة لتحقق أهدافها المرجوة.
إن لم يكن الأمر كذلك، سيكون آخر العهد بالشراكة وعقدها، في يوم التوقيع ثم التقاط الصور، وفي هذا هدر للجهود والأوقات والعقول والطموحات يجب ألا تنزلق إليه مؤسساتنا.
@shlash2020