بعد ثماني سنوات من الزواج نتج عنها طفلان بدأت المشاعر تنطفئ، والأوقات الرومانسية تقل حتى كادت تختفي، الهدايا تبخرت منذ أيام الخطوبة، مشاهدة فيلم بعد يوم عمل طويل أصبح من المستحيلات بصحبة الأبناء، وبدأ الألم يتسلل لحياة يوسف الزوجية. لم يعُد يستمتع بتلك الأمور، التي طالما كانت سببا لفرحه وسعادته. بعد أن كان يستمتع بكل نزهة خارج البيت تحولت تلك النزهة إلى حمل ثقيل بين الزوجة والأطفال، فما يريده لا يناسب الأطفال، وما ترغبه زوجة لا يحبه هو.
بعد أن كان السفر المفر الأمثل من ضغوط العمل والحياة تحول إلى ساحة قتال بينه وبين زوجته، فالاتفاق على الدولة والمدة والتاريخ صار يستنزف من الوقت والجهد ما يحوّل تلك الإجازة إلى قطعة من عذاب حتى قبل أن تبدأ... وطلقها.. لم يعد يستطيع الاستمرار!!
لم تنتهِ قصة يوسف هنا، فقد ملَّ أيضاً من عمله ومن مديره المتسلط وفاق الألم متعة المنصب والراتب فقرر أن يستقيل!! حتى النادي الرياضي، الذي اشترك فيه ليتخلص من بعض تلك الضغوط الحياتية تحول إلى ارتباط وتعب ومصروف شهري، وذلك فقط بعد أسبوعين من الاشتراك ليقرر الانقطاع!!
تتأرجح حياتنا بين كفتي الألم والمتعة، فيوسف الزوج، ويوسف الموظف، ويوسف المتدرب في النادي يمثلون شريحة كبيرة من مجتمعنا ممن طغت لديهم كفة الألم على كفة المتعة. لا نحن ولا يوسف يمكننا أن نعيش في حب دائم أو سلام دائم أو هدوء دائم، لكن يمكننا أن نتحكم بميزان حياتنا بزحزحة ما يثقل كفة الألم إلى كفة المتعة والسعادة ليعود التوازن لحياتنا مرة أخرى. في علاقاتنا الاجتماعية داخل المنزل وخارجه.
لو نظرنا إلى كل تلك الأثقال الصغيرة المتراكمة، التي بدأت تتسلل إلى كفة الألم عبر الأيام والشهور والسنين بنظرة مختلفة لاختلف الحال بشكل عجيب. هناك أشخاص استطاعوا أن يتحكموا بهذا الميزان، الذي هو في الأساس تحت تصرفهم وبين يديهم، وتملكوا بذكاء الصورة الذهنية لتلك الكفتين. نظروا إلى النزهة بأنها رحلة استكشافية للأبناء وليست ازعاجاً، وأن زيارة دولة لا تود زيارتها تجربة فريدة للاطلاع على ثقافة مختلفة وليست مجرد فرض رأي من الطرف الآخر، وأن التمارين الرياضية صحة وليست تعبا وإجهادا. هؤلاء الأشخاص تمكنوا عبر الممارسة والتدريب من تعزيز كفة المتعة في حياتهم، هي نفس المواقف وهم نفس الأشخاص من حولنا، ولم يتغير شيء إنما كانت العلامة الفارقة هي تحكمنا كما أسلفت بالصورة الذهنية لكل تلك المواقف. أنت بذلك تتحكم بميزان حياتك، وتبقي على التوازن المطلوب بين الكفتين، وتكون صاحب نظرة شمولية فاحصة لكل ما يمر بك، وتبدأ بتوجيه المواقف الحياتية إلى الكفة التي تريد.
@A_SINKY