مع الثورة الهائلة في المعلومات وبالذات على المنصات التقنية، واختلاف محتوى الطرح من خلالها من أعلى درجات الجودة إلى أقل درجات الضعف، يسيطر موضوع الجمال والعناية بالجسم لدى المرأة السواد الأعظم مساحةً وتعدداً وحتى نيةً، وأقصد هنا بالنية ليست التي محلها القلب ولا يعلمها إلا علّام الغيوب سبحانه، بل أقصد نية شيء ظاهر والقصد مختلف في البداية، ثم في النهاية تنكشف تلك التي كانت نية، المهم أن هذا الموضوع أصبح لافتا جدا ليس لأنه فقط مجرد «بزنس» وشركات وترويج لعلامات تجارية وإلا لكان مقبولا أو بالأصح مفهوماً، بل الأهم أنه أصبح هوسا، بل تعدى مراحل الهوس، والدليل على كلامي أن كمية هذا المحتوى تجعلنا نحس بأن البنات قبله كن يعشن في الأدغال، ولا يعرفن العناية أبدا من شدة تكرار طرح هذا المحتوى والتركيز عليه، وحتى لا أُتهم بأني لست محايدا سأضرب هذا المثال، لو تم طرح محتوى بنفس قوة العناية بالجسم والبشرة والجمال والمكياج عند الفتيات بما يخص الرجال كطريقة لبس الشماغ، حساب يعلمك وشلون «تشخص» وتنسف شماغك وغترتك لقيل عنا إننا قبل هذا الحساب «غشمان» كمَنْ يظهرون في بعض الإعلانات والدعايات بشماغ معرفط، وعقال يضحك وثوب مخطط، الشاهد أن قوة التركيز على شيء ما توحي بأهمية وجوده الآن، وكأنه مفقود سابقا. لست أبدا ضد هذا المجال؛ لأنه محبب لي كمبدأ واختلافي معه بقوة التركيز الفظيع عليه، وانتشاره غير المبرر إطلاقا وجعله أولوية قصوى على حساب محتويات أهم بكثير، بل إن عدم وجوده قد يكون مصيبة عند البعض، أكرر أن الجمال نعمة تستحق الشكر من حيث المحافظة عليه واستدامته، بل وقبل ذلك اكتسابه، فهو يليق بالأنوثة الناعمة، التي فطرها الله عليها، ونفس الكلام أقوله على عمليات التجميل بكل أنواعها حسب الحاجة. أما أن تتحول لهوس يصبح عمليات تشويه ويصبح الجسد والوجه مثل التنورة والشنطة والمعطف والنظارة تتغير حسب الموضة وترند التصاميم، فهذه مصيبة كبيرة جدا صحيا وماديا وحتى اجتماعيا. على النقيض من هذا الكم الهائل والموج الهادر، الذي أؤكد أن التركيز عليه بهذا الشكل يجعلنا نحس بأزمة قبح متعدد، لماذا لا يكون هناك تركيز ولو بنسبة غير مماثلة على الديكور الداخلي؟ لست هنا لأنظّر للمُثل وكلام الكتب، وإن كان شيئا جميلا، ولكن على الأقل لما يضيف للعقل والجوهر الداخلي، فمثلا كثير من المتصدرات لتلك المحتويات تهتم بشفاتها وفكها وخدها ولا تهتم لطريقة طرحها ومخاطبة الجمهور وما يقال وما لا يقال بأبسط مبادئ «العلاقات العامة»، كيف لشخص سواء كان رجلا أم امرأة أن يخاطب الآلاف، وكأنه يتحدث مع صديق بجواره، أين مثل هذه المحتويات، التي تضيف شيئا لما وراء أماكن البوتكس والفيلر ورسمة الفك ولمعة الأسنان، التي تحتاج لديكور يجمّل ذلك المكان المهم وهو العقل، فكم من جميلات ووسماء تحدثوا وقلنا ليتهم سكتوا.
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبداً) في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi