السعودية باعتبارها الأخ الأكبر استضافت القمة الحادية والأربعين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وتم توقيع إعلان العلا الذي أكد على وحدة الصف ومواجهة التحديات الإرهابية والأمنية، ويكفي فقط أن يتحد الصف الخليجي لتتم مواجهة جميع التحديات إذ لم يحدث عبر تاريخ المجلس أن تفرقت كلمته أو لم يكن متوحدا في مواجهة خطر أو تهديد.
ذلك لن يحدث الآن وهناك استحقاقات كبيرة تتطلب مقاربات جديدة ومختلفة تتناسب مع مجريات الواقع السياسي والاقتصادي والأمني، لذلك فإن ما ترتب في السعودية من مخرجات هي الوضع الطبيعي لما ينبغي أن يكون عليه الحال والبيت الخليجي، وهناك كثير من الإشارات والدلالات لما حدث في تلك القمة بداية من مشاركة أمير دولة قطر واستقباله بحفاوة وترحيب أكد أن الجميع استمروا حيث أبطأت الأزمة قطار التعاون لينطلقوا بروح ورؤية جديدة.
من المهم أن نحافظ كمجتمعات خليجية على هذا الزخم الذي تحقق، وأن تستمر الصلات دون أن تبقى في النفوس شيء من تبعات الأزمة التي عبرت بحكمة القيادات الذين نقف جميعا خلفهم فيما يتحقق معه أهداف التعاون والتكامل، فتلك غاية لا بد من وصولها مهما واجهت دول المجلس من تحديات داخلية.
تحتاج دول مجلس التعاون لتلك الوحدة التي تقفز دوما بسقف الأحلام والآمال إلى أعلى مستوياتها، لأن هناك دوما فرصا كبيرة لأن تكون جميع دول المجلس في صدارات تنموية على المستوى الدولي يتحقق فيه كثير من الخير والرفاهية لشعوب الخليج، وكلما تعزز التعاون ازدادت فرص ذلك النمو والتطور.
ومن خلال النتائج التي يمكن الحصول عليها من تعزيز التعاون يمكن استعادة الفكرة التي سبق وأطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز "رحمه الله" بدعوته إلى الاتحاد الخليجي لأننا في عالم يحتاج فيه إلى ما هو أقوى من التعاون، إلى ذلك الاتحاد الذي يعكس طموحات كل خليجي في جميع تفاصيل حياته بحيث يصبح الخليج أكثر وحدة وقوة اقتصادية وسياسية وأمنية وعسكرية، واستعدادا لمواجهة التحديات الماثلة والمحتملة.
ومن بين جميع مجتمعات العالم تتوفر لشعوب الخليج كل متطلبات ومعطيات الاتحاد والتوحد بما يسهم في بناء منظومة وكتلة واحدة أكثر صلابة وترجمة لطموحات المجتمعات في أن تنطلق على الصعيد التنافسي الدولي كقوة اقتصادية وسياسية، وفي تجربة الاتحاد الأوروبي مثال واضح لما يمكن أن يحققه الاتحاد رغم تمايز واختلاف مجتمعاته ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، وذلك أمر يبقى طموحا مشروعا للخليجيين بتطوير التعاون والانتقال به إلى آفاق أكبر وأكثر استدامة بحيث لا تعبر حتى سحابات الصيف في سماء العلاقات الخليجية، وإنما هو مصير واحد ومشترك يتجه لأن يكون أكثر حضورا ومتانة في الحاضر والمستقبل.
@sukinameshekhis