بعد انتهاء الأزمة الحالية القائمة بين الدول الأطراف، التي تمثلت في السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وإتمام المصالحة بينها وبين قطر، ونجاح قمة مجلس التعاون الخليجي الثلاثاء الماضي، التي عمدت على إزالة آثار 3 سنوات ونصف السنة من المقاطعة؛ يبقى التساؤل المطروح على مصراعيه حول ما هي انعكاسات المصالحة على المنطقة، و ما الذي يمكن أن تغيره المصالحة من أزمات سياسية على مستوى المنطقة العربية؟.
أولى هذه الثمار المباركة يتمثل في أنّ المصالحة ستصبّ في صالح القمة العربية المقررة في الجزائر هذا العام، فمن شأن هذه المصالحة توفير ظروف ومعطيات ملائمة لعقد قمة عربية مقبلة تتوافر فيها أجواء الوحدة والتآلف والانسجام بين الكثير من الأطراف، التي لم تكن لتتوافر لولا حدوث اختراق كبير في جدار الأزمة بين دول الخليج، وإنهاء تداعياتها على المستويين العربي والإقليمي، كما أنّ المصالحة ستكون لها انعكاساتها الكبيرة والواضحة على الأوضاع السياسية في اليمن، الذي لا يزال يشهد نزاعاً مسلحاً منذ سنوات، وهذا ما أكده مراقبون ومحللون سياسيون، الذين يعتبرون أنّ المصالحة سيكون لها دور كبير في إعادة صياغة المشهد السياسي في اليمن، في ظل قيادة السعودية للتحالف العسكري منذ بداية انطلاق عملياته في مارس 2015، حيث إنّه من المعروف أنّ جميع دول الخليج، ودول عربية أخرى، تقف موقفاً واضحاً وموحداً تجاه جماعة الحوثي المسلحة في اليمن.
التوصل رسمياً إلى حل الأزمة الحالية القائمة في قمة العلا، التي عُقدت في السعودية، (5 يناير 2021)، يحمل آمالا كبيرة بعودة الانتعاش للقضية السورية وتحريك المياه الراكدة فيها بعد أن تصدرت القضية السورية اهتمام دول الخليج في السنوات الأولى من اندلاع الثورة، وبقيت أحد أبرز الملفات الرئيسية، التي يتم نقاشها داخل أروقة مجلس التعاون والجامعة العربية، ومن هنا فإنّ المصالحة، خاصة أنّ الأزمة التي استمرت أكثر من 3 سنوات ونصف السنة أثرت بشكل كبير على الكثير من القضايا والأزمات والصراعات الساخنة في المنطقة، وذلك بسبب غياب التنسيق السياسي بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول الإقليمية، الأمر الذي انعكس على قضايا المنطقة، وأشعل الكثير من الجدل والخلافات حولها، ومن هنا فإنّ المصالحة ستعمل على صياغة تحالف خليجي قوي، ينذر بعودة الضوء الخليجي ليسلط الضوء على الكثير من الملفات البارزة في المنطقة، وعلى رأسها الملف اليمني والسوري والقضية الفلسطينية، إضافة إلى الكثير من القضايا، التي تأثرت بشكل كبير في السنوات الثلاث الأخيرة، بعد غياب التنسيق والتعاون بين دول المجلس، وهذا بحد ذاته سيفعّل الدور الخليجي بشكل متكامل تجاه الكثير من القضايا والملفات ويعمل على تحريك المياه الراكدة فيها.