مجلس التعاون لدول الخليج العربي لم يكن مشروع ترف، لقد أتى في لحظة تاريخية حاسمة، حتى نشيد «خليجنا واحد وشعبنا واحد» لم يكن مجرد كلمات ترددها الألسن فقط، بل كان نابعاً من القلب محبةً وصدقاً..
السوفييت يجتاحون أفغانستان، الملالي يُسقطون شاه إيران ويُسيطرون على الحكم ويبدؤون مسيرة تصدير الثورة الخمينية..
في مرحلة كهذه، كانت الأخطار وجودية، وكان الاتحاد هو الفكرة العملية الأولى لمواجهة هذه المخاطر، اجتمع قادتنا في دول الخليج، واتفقوا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بدأ قوياً وتم تنفيذ أهم البنود وهي إنشاء قوة درع الخليج، حرية التنقل بلا تأشيرات وبلا قيود، ثم الربط الكهربائي وتوحيد الرسوم الجمركية البينية، وكان الغزو العراقي لدولة الكويت المحك لاختبار هذا المجلس وفعلاً كانت التضحيات كبيرة واتحد الجميع في مواجهة نظام صدام حسين، وكانت السعودية هي العُمق الإستراتيجي للأمن الخليجي، وهي الحاضنة للشعب الكويتي ولقيادته وللعمليات العسكرية من أجل التحرير، كانت السعودية هي الشقيقة الكبرى التي لا ترى في الآخرين سوى أنهم إخوتها الذين ترى في أمنهم ورخائهم أمناً لها ورخاءً لها..
سنوات من التقدم وخطوات كبيرة في ترسيخ ثوابت المجلس، حتى أصبح مثالاً يحتذى به عالمياً بسبب العلاقات الاقتصادية والسياسية المتينة بين بلدانه، ثم أتت سُحب عكّرت الصفو، تحملت السعودية، غضّت الطرف، حاولت جاهدة أن تتجاوز، ولكن الأمور أصبح من الصعب التعامل معها، حدث ما حدث في أزمة الخليج الأخيرة، ومع ذلك لم تُغلق السعودية باب العودة، ولجان مجلس التعاون الخليجي تعمل كما هو المعتاد، حافظت على بقاء المجلس لما فيه من صالح لشعوب المنطقة وأمنها..
وفي العُلا عروس الجبال عُقدت قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الخامس من يناير، وانطلق قطار التنمية في دول الخليج، بعيداً عن فوضى المنطقة، ليكون الشعب الخليجي آمناً مطمئناً بعيداً عن الكوارث التي حلّت في دول تسللت إليها أيادي التخريب..
صوت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي عَلا هدير محركات طائرة أمير قطر وهو يرحب به (يا الله حيّه، نوّرت المملكة) سيكون صداه عالقاً في وجدان الشعب الخليجي الذي عاش ليلة لا تُنسى فرحاً بالمصالحة..
هي فرصة السلام التي يجب أن لا تضيع، لكي لا يستغلها المرتزقة ولصوص الأزمات..
أخيراً..
الملك سلمان بن عبدالعزيز يُدشن انطلاقة جديدة لدول مجلس التعاون الخليجي، هي فرصة للجميع ليستكملوا مسيرة البناء بعيداً عن الوجوه التي تغيظها هذه الوحدة وهذا الرخاء.
ahmadd.writer@gmail.com