نستقبل عاما ميلاديا جديدا، ونودع عاما منصرما (2020م)، الذي كان مليئا بالتحديات والصعوبات على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأسرية، بل حتى الشخصية والنفسية تأثرت بسبب جائحة (كوفيد 19)، التي ألقت بظلالها وثقلها على العالم كله.
ولكنه أيضا كان عاما مليئا بالدروس والعبر والعظات. والفطن العاقل هو الذي يستفيد من الماضي لما هو آت، فتلك هي أفضل الطرق للتعلم من تقلبات الحياة من أجل التطور والتغيير والنضوج.
وبناء على ذلك، فمن عادات المنجزين والناجحين أن يضعوا أهدافهم مع بدايات كل سنة جديدة. والبعض يبدأوها بالسنة الميلادية، التي نحن على أعتابها، والبعض الآخر ربما يبدأ مع بداية السنة الهجرية (وكذلك أفعل). ولكن المهم حقا أن تكون لك أهداف مكتوبة ومحددة، وبعدها اختر أي يوم أو تقويم تشاء لأن المقصود أن تبدأ عاجلا غير آجل!
البدايات مهمة، والتخطيط لها أهم، وهي تبدأ بمراجعة الأهداف السابقة، والنظر في المنجز والمتأخر منها، وهو في الغالب يكون قبل نهاية السنة بوقت ومدة معلومة. ألم تر أنهم يرددون دائما على أسماعنا مرارا وتكرارا مقولة: إذا لم تخطط فقد خططت للفشل، فهل نعي ذلك؟!
والثاني الخطوات، إن الأهداف، التي لم تنجز إما أن تُعدل أو يعاد النظر في الطريقة، التي نفذت بها، لأنه كما أخبرنا آينشتاين: إنه من الجنون أن تفعل نفس الشيء بنفس الطريقة، وتنتظر نتائج مختلفة! فإذا كان هدفك أصلا غير واقعي مقارنة بالإمكانات، التي تملك أو أن الأسلوب، الذي اتخذته خطأ ولا يناسب كبرياء الهدف. فالحل في مثل هذه المعضلات هو البحث عن البدائل الأكثر واقعية، التي يمكن تنفيذها للوصول إلى الغاية الأكبر.
ثالثا: لا تكن دوغمائيا (متصلبا في رأيك) عندما ترسم الخطط وتضع الأهداف! صحيح أن هدفك هو حلمك، ولكن الاستماع إلى آراء الآخرين وملاحظاتهم يساعدك على تعديل وتطوير الهدف بناءً على ما تعلمته منهم. وقد جاء في الأثر: «ما خاب مَنْ استشار، ولا ندم مَنْ استخار».
رابعا: صغر اللقمة! أي قسّم الأهداف إلى لقيمات أصغر حتى يسهل أكلها وهضمها والاستمتاع بها. وقد قال الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين: «تقسيم المهام المعقدة المربكة الصعبة إلى مهام صغيرة يسهل التعامل معها».
خامسا: لا تهجم على الأهداف هجمة واحدة كالمفجوع، بل تذكر أن القليل الدائم خير من الكثير المنقطع؛ لأن العمل بهذا الأسلوب يخلق (عادة جديدة) ومتواصلة. والعادات كقطرات الماء، التي تنحت الصخر ولو بعد حين، واقرأ إن شئت كتاب «قوة العادات» لتشارلز دويج.
سادسا: تحدث دائما إلى نفسك، فليس ذلك عيبا ولا جنونا، بل هو تشجيع لذاتك. وكتبت (BCC) مقالا جميلا في هذا الموضوع بعنوان: «التحدث إلى النفس بصوت مسموع: أول طريق النجاح».
سابعا: يزعمون بأن أرسطو قد قال: إن الإنسان كائن له غاية! (وهل يحتاج ذلك إلى فيلسوف!!). فالمقصد من صناعة الأهداف ليس فقط تحقيقها، بل إن السير إليها هو شكل من أشكال تذوق طعم السعادة. وسيكون طعمها ألذ إذا كنت فعلا راضيا ومقتنعا بما تخطط، وسيكون نفعها أشمل إذا كان يخدم الناس والمجتمع. وتلكم هي أفضل حبكة لصناعة الأهداف. وقد قرأت يوما أن الدكتور مصطفى محمود -رحمه الله- قال: «قيمة الإنسان هي ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته». ويؤكد نفس المعنى والمفهوم الروائي والشاعر الإسباني (سرفانتس) حين قال: «الحياة تقاس بأنبل الأعمال لا بأحلى السنين».
وقبل الختام، تذكر ألا تحملك نفسك فوق طاقتها حين لا يلوح في الأفق نتائج مرضية، فقد قال الشاعر: على المرء أن يسعى إلى الخير جاهدا وليس عليه أن تتم المقاصد.
abdullaghannam@