من الأهمية تعريف الطاقة المتجددة، حيث يقصد بها تلك التي تتولد من مصادر طبيعية وبصفة مستدامة، ومنها أشعة الشمس والرياح وتدفق المياه ودوران الأرض وحرارة جوفها المليء بالمعادن المنصهرة في درجة حرارة عالية تبحث عن نقطة انطلاق ضعيفة إلى سطح الأرض كما يحدث في البراكين. وبصفة عامة فإن جميع أشكال الطاقة المتجددة هي في الواقع مستدامة، وفي أغلب أشكالها نظيفة.
يعتمد العالم على ثلاثة مصادر أساسية للحصول على الطاقة، وهي النفط والشمس والفحم الحجري بالإضافة إلى مياه البحار والأنهار من خلال الأمواج المندفعة بقوة تحرك المولدات الكهربائية. واليوم نسمع عن الطاقة المتجددة وما لها من أهمية اقتصادية في توليد الطاقة الكهربائية اللازمة في المصانع والمؤسسات والشركات والمنازل والمكاتب. الطاقة المتجددة هي تلك التي نحصل عليها من مصادر لا تنضب. أما الطاقة الاحفورية الناتجة من النفط وكذلك الطاقة الناتجة من الفحم الحجري فإنها تتناقص وتنضب بزيادة الاستهلاك والنمو السكاني العالمي.
ولا أقلل من أهمية الطاقة الناتجة من الطبقات الجيولوجية الأرضية، لكنها ضئيلة من حيث الاستخدام والكفاءة. وما البراكين وما تخرجه من حمم إلا شكل من أشكال الطاقة الأرضية الجيولوجية لأن الأرض في حالة عدم استقرار بما في باطنها من معادن منصهرة تحت درجات حرارة عالية، بحيث تبحث عن طبقة ضعيفة تخرج منها إلى سطح الأرض.
هذه نظرة عامة حول عدد مهم من مصادر الطاقة النفطية وغير النفطية. وما يهمنا في هذا الجانب هي الطاقة المتجددة لرخص تكلفتها واستمرارية مصادرها بلا نضوب، وكذلك عدم تلويثها البيئة. ولقد بدأت مراكز أبحاث الطاقة في الدول الصناعية المتقدمة بالتركيز على الاستثمار في الطاقة المتجددة سواء لتطوير تكنولوجيا إنتاجها وكفاءتها أو لتطوير استغلالها لحسابها أو لحساب شركات متخصصة في هذا المجال.
يشير تقرير رينت 21 (RENT21st) لعام 2016م إلى مساهمة الطاقة المتجددة بحوالي 19.2% من الطاقة المستخدمة في إنتاج الطاقة عالميا وحوالي 23.7% في توليد الكهرباء في عامي 2014 و2015م على التوالي. وتنقسم مصادر استهلاك الطاقة الكهربائية بنسب متفاوتة منها 8.9% من النفط التقليدي الناتج من التحلل الحيواني والبشري والنباتي و4.2% من مصادر الطاقة الحرارية مثل التحلل الحديث والطاقة الحرارية الجيولوجية الأرضية والشمس و3.9% من الكهرباء الناتجة من الجاذبية عند سقوط الماء أو تدفقه مما يولد طاقة كهربائية في نظام متكامل. أما الرياح والطاقة الشمسية والطاقة النفطية في التحولات الحديثة فإن نسبة الاعتماد عليها بلغت حوالي 2.2% في التزود بالكهرباء على مستوى العالم.
وتتصدر الولايات المتحدة الدول من حيث الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة المتجددة بأكثر من 286 مليار دولار في عام 2015م. ولقد استثمرت بكثافة كل من الولايات المتحدة والصين في الطاقة المتجددة بواسطة الرياح والشمس والماء بالإضافة إلى الطاقة الاحفورية البيولوجية. وساهمت صناعة الطاقة المتجددة في توفير 7.7 مليون وظيفة حول العالم، حيث كان أغلبها بحوالي 50% في المحطات الكهربائية حول العالم والتي صممت على أساس تشغيلها بالطاقة المتجددة منذ عام 2015م.
المملكة بحاجة إلى المزيد من الاستثمار في بحوث الطاقة المتجددة لننتقل إلى حقبة ما بعد النفط التي تعتمد على التنوع الاقتصادي الذي سيكون فيه القطاع الخاص المحرك الأساسي الأقوى في التنمية المستدامة والتنافسية. مراكز أبحاث الطاقة في الجامعات السعودية بحاجة للمزيد من الجهود في مجال الطاقة البديلة والمتجددة. ولقد تأسست مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة لهذا الشأن وعليه فإنها معنية بإستراتيجية الطاقة سواء النووية أو المتجددة غير النووية.