قبل أن استهل في هذا المقال سأطرح هذا التساؤل المهم:
متى يكون تأهيل المعلمين وفق ما يحتاجونه في هذه المرحلة؟
يمثل تأهيل المعلم وتطويره من خلال التدريب الخاص أو ما يسمى التطوير المهني للمعلمين، الذي يتم عبر برامج ودورات تدريبية مختلفة، منعطفاً مهماً في رحلة الارتقاء بالمعلم والتعليم، على حد سواء، فمتى ما ارتقى المعلم وأجاد يرتقي التعليم ويسمو، فالعلاقة هنا طردية.
وكثيرا ما نسمع ونقرأ ونتابع عن إقامة دورات متعددة في مراكز التدريب بجميع إدارات التعليم، وهو جهد يشكر عليه المدربون وإدارات التدريب في هذه الإدارات، ولكن السؤال الكبير: هل كل الدورات المقامة يحتاج إليها المعلم؟ وإن كان يحتاج إليها هل حقائبها بقيمة أسماء تلك الدورات؟
سأترك الإجابة لكم!!
فالدورات التدريبية الموجودة حاليا ليست بالمستوى المأمول من وجهة كثير من التربويين، ولا تواكب ما نحتاجه فعلياً، حتى إنها تأتي وفي كثير من الأحيان بمسميات تثير الاستغراب والدهشة، فهنالك دورات مثل القراءة السريعة والذكاءات المتعددة وغيرها، لا نقول إن هذه الدورات غير مهمة، قد تكون مهمة ولكن هل هي في الزمان والمكان المناسبين؟!! للأسف إن ما يقدم حاليا في بعض الدورات ساهم في اتساع الفجوة بين ما يقدم حالياً، وما يحتاجه الميدان فعلياً.
مع تطوير العملية التعليمية وما فرضته جائحة كورونا من قفزة نحو التحوّل إلى التعليم الرقمي، الذي يمثل مستقبل التعليم العالمي، لزاماً علينا أن نواكب هذا التطور، فالدراسة عن بُعد وبحسب إحصائيات المنتدى الاقتصادي العالمي فقد تم تقدير الاستثمار، الذي تم ضخه في تطوير تقنية التعلم الإلكتروني بأكثر من 18.5 مليار دولار في العام 2019م، وفي دراسة أعدها المركز الوطني لإحصائيات التعليم في أمريكا وُجد أن ما يُعادل 35.5% من الطلاب الأمريكيين سجلوا عام 2018م في برامج التعلم عن بُعد خلال مرحلة الدراسة ما بعد المرحلة الثانوية.
غرفة التعلم اليوم لم تعد ذلك الفصل الواسع، الذي يجلس فيه الطلاب وفي مقدمته المعلم وخلفه السبورة، أصبحت غرفة الدراسة والتواصل هي (Microsoft teams)، فبات المعلم بحاجة لاكتساب مهارات جديدة وتطوير قدراته من أجل القدرة على التواصل الإيجابي مع الطالب من خلال الفصل الإلكتروني «المنصة الإلكترونية».
عليه نحتاج في الفترة المقبلة أن تكون جميع الدورات التدريبية (النمو المهني) وفق احتياجات الواقع، الذي يُحدد بناءً على الدراسات الموجودة سواء التوصيات المقدمة في رسائل الماجستير أو الدكتوراة أو البحوث الإجرائية، أو توصيات المؤتمرات العلمية والتربوية، حيث قدمت الكثير من التوصيات لما يحتاجه الميدان فعلياً من زيادة فاعلية المعلم في إستراتيجية دراسية معينة، أو زيادة فاعلية المعلم في إعداد الاختبارات أو تدريب المعلمين على تطوير مهاراتهم في أساليب التقويم.
ينبغي علينا أن نركز جهودنا اليوم لإعداد حقائب لدورات تدريبية يتم إعدادها وفقاً لاحتياجات الميدان ويشرف عليها المعهد الوطني للتطوير المهني بالوزارة ومركز المناهج بوزارة التعليم، وبناء عليها لا تقبل أي دورة تدريبية إلا وفق معايير معينة، وأن تكون قد أوصي بها من خلال دراسات تؤكد أن الميدان يحتاجها الآن، وعلى أن تكون دراسات حديثة وليست قديمة حتى تواكب الواقع وتساهم بشكل فعلي في الارتقاء بمستوى المعلم.
فلا بد لنا أن نستثمر مخرجات البحث العلمي في الميدان التربوي، حيث تزخر أرفف مكتبات الجامعات بالدراسات الماجستير والدكتوراة أو الدراسات الإجرائية أو الدراسات الوظيفية، التي حاولت أن تحل كثيرا من المشاكل التربوية وانتهت بإعطاء مجموعة دسمة من التوصيات، يجب العودة إليها والعمل بموجبها.
Ali21216@