خلق الله الإنسان ويميل بفطرته البشرية إلى تكوين الصداقات والعلاقات مع الآخرين، ولا يستطيع العيش بمعزل عن التواصل مع الآخرين، يقول الحق تبارك وتعالى "فطرة الله التي فطر الناس عليها"، من فطرة الله في الناس تكوين هذه العلاقات والصداقات، ويجب اشباعها لدى النفس البشرية؛ لأنها احتياجات نفسية المفطور عليها لدى الإنسان في أعماقه وكيانه، غير مكتسبة من المجتمع، يشترك فيها جميع البشر على حد سواء.
ضوابط العلاقات وتكوينها لأهميتها في حياة الإنسان، والتي يكون لها أهمية في مجالات الحياة المختلفة وفي مجال الأبحاث والدراسات أثبتت أنه يوجد أساس جيني محتمل للعلاقات والصداقة، والعلاقة ترتكز على نضج وعقلانية أطراف العلاقة، وتعد الصداقة هي التقاء فكري وعاطفي وتجانس وامتزاج روحي يجمع النفوس المتقاربة روحيا، ولا يشترط في هذه العلاقات التقارب العمري، قوة الترابط بين الأطراف تكون أقوى وأعمق.
وتحدث الشاعر وضرب لنا مثلا يثبت فيه تجانس من تجالسه عندما قال:
ما لي أرى الشمع يبكي في موقده من حرقة النار أم من فرقة العسل
يتحدث الشاعر عندما رأى الشمع يشتعل ويذوب يتساقط، وشبه ذلك بالدموع، ويتساءل ما هو سبب الدموع المتساقطة هل من شدة النار أم من شدة العذاب الوجداني من أجل مفارقة الأحباب والأوطان وهي خلية النحل وبيت العسل، فإنه يعانى من فرقة العسل.
وجاء الجواب من الشاعر وقال:
من لم تجانسه فاحذر تجالسه ما ضر بالشمع إلا صحبة الفتل
أى أن سبب البكاء ليس حرقة النار ولكن بسبب وجود شيء ليس من جنسها وهى الفتيل التي ستحترق وتحرقه، وهنا إشارة واضحة للتصوير البلاغي للعلاقات وأنه يجب علينا انتقاء من نجالسه ويناسبنا من البشر، وكيف أن هذه العلاقات تؤثر على صحتنا وسعادتنا، وكيف تؤدي أدوارا مهمة في حياتنا وتطوير الإنسان وتزيد من النجاح وطول العمر.
أبرز النتائج المباشرة لهذه العلاقات يولد لدينا تقديرا لمدى أهمية أصدقائنا في حياتنا، تساعد على بلورة الشخصية إلى الأفضل، وخاصة إذا كانت العلاقة مبنية على الاهتمام المتبادل والمحبة الصادقة. وجود أشخاص إيجابيين في حياتنا يشعرنا بالسعادة والامتنان، ويقلل الشعور بالوحدة، ويكون أكثر قدرة على العطاء وتساهم في تعزيز الصحة الجسدية والعقلية، قال عليه الصلاة والسلام "المرء على دين خليله فلينظر من يخالل" وعندما يكون الصديق من الأشخاص الإيجابيين وذي الأخلاق الحسنة يسحب صاحبه إلى نفس النهج في الحياة سواء في الفكر والثقافة وتطوير المهارات، وهذه دعوة إلى النظر من نجالس ونعاشر.
Abuazzam888@live.com