يبدو أن بعض الأحزاب العربية، المتأسلمة بالذات، أدمنت الخوازيق التاريخية وأصبحت تسعى إليها بقدميها، حيث لا يمكن أن يصدق هذا الولاء لأجنبي على حساب الوطن والشعب والأمة. مؤامرات تتكشف خلف مؤامرات ومعظمها أبطالها من أولئك الذين طالما رفعوا شعارات العزة والكرامة والإباء التي تتبخر الآن هباء منثورا في كل الأرض العربية. المشكلة أنهم يعلمون علم اليقين أن (الأجنبي) سينقلب عليهم هم أولا ويأكلهم فرادى وجماعات بمجرد أن يتمكن مثلما حدث عيانا بيانا في أكثر من دولة عربية والت أطياف من شعوبها الغزاة فإذا هم، أي هؤلاء الغزاة، يتحولون إلى أسياد يتحكمون برقاب ومصائر أهل البلد. وحين وعى الناس أجنداتهم وأهدافهم كان الأمر أشبه ببكاء على اللبن المسكوب، لا فائدة منه لأن ما ضاع ضاع ولن يعود إلا بمعجزة في زمن اللامعجزات.
الطموح والمغانم الشخصية والفئوية هي التي أوردت وستورد كثيرا من الأحزاب والشعوب الهلاك، إذ لا يبدو أنه مما يهم قائدا حزبيا أو ميليشياويا كيف ستكون مصائر الناس إذا داست أقدام (الأجانب) على بلده ومقدراته واستقراره ومصيره. المهم أنه هو، أو حزبه أو جماعته، سيكسبون من التدمير الذي سيحصل والخراب الذي سيعم. هو، بمنتهى البساطة، تاجر خراب يبيع ويشتري في أرواح الناس وعذاباتهم وتشردهم وجوعهم وفاقتهم. وإذا أردت أمثلة صارخة وحقيقة على ذلك فانظر حولك في العراق أو سوريا أو لبنان أو ليبيا أو غزة أو صنعاء، فكل هذه البقاع من الأرض العربية ضيعت طريقها وخسرت الحاضر والمستقبل لأنها باعت أوطانها، بأثمان شخصية وفئوية بخسة، للأجنبي الذي يسومها الآن سوء العذاب ويذبح، بكل الصور، رجالها ونساءها وشبابها وأطفالها.
نحن الآن أمام هذا الواقع المرير في معركة وعي داخل كل بلد عربي وبين أطياف كل شعب عربي لكي ننقذ ما يمكن إنقاذه من الدجل والخداع السائد الذي يأخذ كثيرا من العرب إلى المجهول وإلى الخراب الأعم. وهذا يتطلب عملا عربيا فكريا وإعلاميا مشتركا ومخلصا ومحترفا على قدر إخلاص الأعداء واحترافهم في معاداتنا والتربص بدولنا وشعوبنا.
ma_alosaimi@