الانكفاء الإيراني الحالي، والهدوء السياسي، وتخفيف الظهور في العراق وسوريا ولبنان، وتسليم ملف الحوثي مرحلياً لقطر، والحديث عن العجز في مواجهة كورونا بسبب نقص الأموال، واستعطاف الآخرين.. أشياء تُمثل جوهر السياسة الإيرانية، إيران بلد سياسته تعتمد على تغيير الوجوه، تتمدد إيران خارجياً متى ما وجدت أن العوامل الخارجية تسمح بذلك، وتُمارس سياسة حافة الهاوية حتى تتأكد أنها لن تأخذ أكثر فتتراجع خطوة للوراء..
وتنكمش إيران نحو الداخل متى ما وجدت أن بقاءها كدولة ونظام أصبح في خطر حقيقي..
العقلية الإيرانية واحدة ولا تتغيّر بتغيّر نظام أو شخص، من أيّام الحكم الكِسروي مروراً بالصفوية ودولة الشاه ونظام الملالي، العقيدة السياسية الإيرانية واحدة، لها حياة ظاهرة وحياة باطنة، حياة مزدوجة تسكن العقل الإيراني وهي المُحرك لكل حركاته وسكناته..
وبين الموت لأمريكا وإيران كونترا تتضح لنا السياسة الإيرانية، وهي قائمة على ازدواجية المبادئ ووحدة الأهداف..
وإذا أردنا تفسير هذا الهدوء الإيراني المُفاجئ سنجد أنه يأتي بالتزامن مع الانتخابات الأمريكية المُقبلة، هذا الهدوء يُمثل دعماً لخصوم ترمب وكأن نظام طهران تخلّى عن أتباع الشر الذين زرعهم في المنطقة وأصبح نظاماً يبحث عن السلام فقط..
بداية هذه المرحلة كانت مع رسائل المُتطرف السابق أحمدي نجاد ودعوته للسلام !!
إيران تنتظر وبفارغ الصبر نجاح خصوم ترمب في إسقاطه !!
ليستكملوا مشروع تمددهم في المنطقة..
أمام دولة ولمئات السنين شكّلت سياستها خطراً على المنطقة بلا شك سلاح الردع الحقيقي لها سيكون بحصارها وخنقها اقتصادياً أكثر، مهما كلف الأمر، لتخرج مشهد وطهران على هذا النظام يجب أن يستمر الانهيار الاقتصادي، ما يجعل إيران قادرة على الوقوف هي بعض النوافذ التي تتنفس من خلالها، كالعراق والتجارة مع بعض دول الخليج والتي تتجاوز الخمسين مليار سنوياً، لكُل دولةٍ أسبابها ولكن يجب أن تعي هذه الدُول خطر هذه الدولة وأنها تُريد إنهاء وجود الجميع..
أخيراً..
إيران دولة خطر، ويجب التعامل معها على هذا النحو في كل حالاتها السياسية، سواءً توسع أو انكماش، حالات الضعف الإيرانية ليست انكسارا بل التقاط أنفاس وترتيب أوراق للعودة من جديد، لذلك عدو كهذا يجب أن لا يرتاح أبداً..
ahmadd188d@gmail.com