أصبحت القيادة المدرسية أولوية في أجندات سياسة التعليم على مستوى العالم، حيث تلعب القيادة المدرسية دورا رئيسيا في تحسين نتائج عمليتي التعليم والتعلم داخل المدارس وذلك من خلال التأثير على دوافع وقدرات المعلمين، فضلا عن تهيئة المناخ المدرسي وبيئة التعلم. كما تعد القيادة المدرسية الفعالة أمرا ضروريا لتحسين الكفاءة والمساواة في التعليم. فإن الكثير من البلدان تسعى إلى تكييف أنظمتها التعليمية مع احتياجات المجتمع المعاصر، حيث تتغير الأهداف والتوقعات بين المدارس وقادة المدارس باختلاف الظروف، ولكن تظل أهداف الرؤية الوطنية وسياسة التعليم الوطنية لهذه المدارس هي القاسم المشترك.
وفي المملكة العربية السعودية يشهد التعليم تطورا متواترا على جميع الأصعدة، كل ذلك لمواكبة رؤية المملكة 2030، تلك الرؤية التي أصبحت منارة تضيء الطريق إلى مستقبل مشرق بإذن الله.
وفي الإدارة المدرسية حدث العديد من محاولات التطوير، ولست هنا لمناقشة ماذا حدث من تطوير. ولن أسأل إن كان التطوير الوحيد في إدارات المدارس هو تحويل مسمى مدير المدرسة إلى قائد المدرسة، ولكن سأسأل هل قامت وزارة التعليم بإعداد آلاف القادة لقيادة المدارس أم قامت بإعدادهم ليكونوا منفذي تعليمات محدودي الصلاحية.
حقيقة ما أراه في الميدان أن هناك آلاف القادة المدربين والقادرين على قيادة مدارسهم لتحقيق الأهداف المرجوة، ولكن يعيقهم عن أداء مهامهم بيروقراطية عتيقة غير صالحة لهذه المرحلة، فتجد قادة المدارس مكبلين بالعديد من الإجراءات والتعاميم، فنجد لدى القادة خططا شكلية لا تصلح إلا لتسيير المهام اليومية وذلك قد لا يكون بتقصير منهم، إنما ما يمنعهم هو عدم قدرتهم على اتخاذ قرارات حقيقية تخدم منشآتهم التعليمية، بعض الإجراءات التي تكون في ظاهرها وباطنها أن قائد المدرسة ليس إلا مجرد منفذ لتوجيهات مكاتب التعليم أو إدارات التعليم، فعلى سبيل المثال لا الحصر: لا يستطيع قائد المدرسة تغيير نصاب عدد الفصول في مدرسة بما يتوافق مع ظروفه إلا بالرجوع لمكتب التعليم والحصول منهم على موافقه لتنفيذ هذه الإجراء البسيط والذي سيكون فيصليا في سير العملية التعليمية، مثال آخر لا يستطيع قائد المدرسة تحديد الطاقة الاستيعابية للفصول بما يحقق الفائدة للطلاب وللمدرسة، وذلك لما يتعرض له قائد المدرسة من ضغط كبير من قبل مكاتب التعليم لرفع الطاقة الاستيعابية للفصول والتي قد تصل في بعض الأحيان لما يفوق الأربعين طالبا للفصل الواحد.
ما نأمله أن تكون إدارات المدارس أكثر استقلالية وذلك يكون بإعطاء قادة المدارس الصلاحيات الكاملة في إدارة منشآتهم التعليمية بل ويجب أن يتم دعمهم لتنفيذ خططهم في إدارة منشآتهم.
فيجب على إدارات التعليم الإعلان عن خططها العامة والتي تحتوي على سبيل المثال على خطة التدريب وخطة النشاط للعام القادم، وبعدها يتعين على قائد المنشأة التعليمية أن يقدم قبل نهاية العام الدراسي خطة متكاملة للعام القادم يضع فيها رؤيته الخاصة كقائد والمتوافقة مع إمكانيات منشأته والمتزامنة مع خطط إدارة التعليم، ويقدم فيها أفكاره لمواجهة التحديات التي قد تواجه منشأته ويضمنها بإجراءات تضمن تطبيق أحدث الممارسات التدريسية في الفصول، كما يجب أن تحتوي على مؤشرات لقياس مدى فعالية هذه الخطة، ومؤشرات أداء لجميع العاملين في منشأته التعليمية، وبعد تقديمها يتم مناقشها وتحكيمها من قبل مختصين في الإدارة التربوية لإجازتها.
يجب أن نؤمن بأن القيادة الحقيقية لا تكون فقط بتنفيذ التوجيهات بل بإدارة المنشأة التعليمية وفق إمكانياتها لتحقيق أعلى قدر ممكن من معايير النجاح، فنجد في كثير من التجارب العالمية، أن الأنظمة التعليمية الناجحة هي من أعطت استقلالية للمدارس وإداراتها لتنفيذ خططها المستقلة والمتوافقة مع إمكانياتها ومع أهداف القطاع التعليمي في هذه البلدان.
@ali21216