سبقني آخرون إلى استنكار بقاء سياسة التعليم، التي صاغها أمميون في سبعينيات القرن الماضي الميلادي (أي قبل خمسين سنة)، كما هي دون مراجعة أو تعديل أو إلغاء لمسامير جحا، التي وضعوها فيها. فقد كتبت الدكتورة سارة المنقاش (الأستاذ المشارك حينها في كلية التربية- قسم الإدارة التربوية بجامعة الملك سعود) في عام 2006م بحثاً بعنوان: «دراسة تحليلية لسياسة التعليم في المملكة العربية السعودية ومقترحات لتطويرها». ووصفت الوثيقة بأنها قد وضعت قبل خطط التنمية في البلاد، ولم تخضع لأي تعديلات منذ وضعها، وأن هناك بعض المشكلات العويصة في صياغة بعض بنودها، كما أنها لا تتوافق مع سياسة التعليم المطبقة في المملكة العربية السعودية، ولا تتفق مع المعايير الدولية في أطر التعليم وأهدافه.
ومضت ثماني سنوات لم يعلق أحد على هذا البحث العلمي المهم. وفي سنة 2014م كتبت الأستاذة فاطمة العتيبي ثلاثة مقالات متوالية في صحيفة «الجزيرة» السعودية؛ انطلقت فيها من بحث الدكتورة سارة المنقاش (الذي أشارت إليه في الجزء الثاني). وكان عنوان سلسلة المقالات هذه: «مراجعة وثيقة سياسة التعليم». وبعد ثلاث سنوات من هذه السلسلة نشرت كاتبة أخرى هي الأستاذة أريج الجهني مقالاً بجريدة «عكاظ» في 14 نوفمبر 2017م بعنوان: «وثيقة سياسة التعليم يا معالي الوزير!». وأعادت التساؤلات نفسها والتحفظات، التي ألمحت إليها من قبل الباحثة الدكتورة سارة المنقاش والكاتبة الأستاذة فاطمة العتيبي، كما أشارت إلى أن معالي الوزير آنذاك الدكتور أحمد العيسى نفسه، كان قد انتقد هذه الهنات في كتابه، الذي ألفه قبل أن يكون وزيراً.
ومضى الآن ثلاث سنوات أخرى، ولم يحرك معالي وزير التعليم أي شيء في الموضوع، ولم تجرِ الإشارة في موقع الوزارة إلى أن تلك الوثيقة المشبوهة عرضة للمراجعة، فهل الاقتراب من عش الدبابير يثير هلع وزراء التعليم إلى هذه الدرجة؟
سأعطي القراء الكرام أمثلة من تلك الوثيقة، التي ما زال موقع الوزارة الإلكتروني يحيل إليها بوصفها هي المرجع في سياسات التعليم، وهي التي كانت قد صاغتها كوادر الإخوان المسلمين في فترة تحكمهم في مفاصل التعليم . فمن الأسس العامة، التي يقوم عليها التعليم:
1- توجيه العلوم والمعارف بمختلف أنواعها وموادها -منهجاً وتأليفاً وتدريساً- وجهة إسلامية في معالجة قضاياها والحكم على نظرياتها وطرق استثمارها، حتى تكون منبثقة من الإسلام، متناسقة مع التفكير الإسلامي السديد.
2- الدعوة إلى الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.
3- الجهاد في سبيل الله فريضة محكمة وسنة متبعة وضرورة قائمة، وهو ماضٍ إلى يوم القيامة.
ومن الأهداف لسياسة التعليم:
1- غاية التعليم فهم الإسلام فهماً صحيحاً متكاملاً وغرس العقيدة الإسلامية ونشرها. ومن الأهداف الإسلامية:
2- تنمية روح الولاء لشريعة الإسلام، وذلك بالبراءة من كل نظام أو مبدأ يخالف هذه الشريعة.
3- تربية المواطن المؤمن ليكون لبنة صالحة في بناء أمته، ويشعر بمسؤولياته لخدمة بلاده والدفاع عنها [طبعاً خدمة البلاد والدفاع عنها بعد تكوين الأمة].
4- تكوين الفكر الإسلامي المنهجي [طبعاً المقصود هو فكر التنظيمات الإسلامية] لدى الأفراد، ليصدروا عن تصور إسلامي موحد فيما يتعلق بالكون والإنسان والحياة، وما يتفرع عنها من تفصيلات.
فهل يكفي هذا الكمّ يا معالي الوزير؟!
falehajmi@