حياتنا بضع كلمات، ما بين كلمات تحيينا وبين كلمات تقتلنا. إن ما لا ندركه هو أننا نرمي بالكلمات فإما أن تكون كالبلسم على قلوبنا أو تكون كالشرر المتطاير. لنفترض أن شخصا ما زار والدي أحد الأشخاص وكان أحد أبناء هذين الوالدين قد عاد من السفر، فتحمد الله على سلامة ابنهما ثم قال وسأل: هل أحضر لكما ابنكما شيئا؟ فأجاباه: لا، فقال: غريب! مع أن ابنكما موظف ويملك خيرا كثيرا، ما الذي يمنعه أن يحضر لكما؟ بعد أن تتأمل هذه القصة، سترى أن هذا الشخص قد ألب قلب الوالدين على ابنهما بعد أن قال شيئا لا يخصه ويعنيه، وقد تمنع هذه الكلمات الوالدين من أن يستقبلا ابنهما بسبب ظن قد لا يكون له أصل في الواقع. وعلى هذه القصة كثير من الأمثلة وقس عليها وسترى عجبا. إن أثر هذه الكلمات كالسهام القاتلة في قلوبنا، تجعلنا نمتلئ بسوء الظنون ونبني عليها كثيرا من القرارات الخاطئة بلا أصل حقيقي نستند إليه. إن لكل منا ظروفا قد لا يعلم أحد بها، لذلك قبل أن تقول شيئا أو تتسبب في ضرر أحدهم تأمل في نفسك وظروفك. إن ديننا الحنيف حضر بتأصيل هذا الأمر في حيواتنا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه). لذلك قبل أن تطلق هذا الشرر ويؤذي غيرك ممن تحب وقد يفسد علاقاتك، هل ترضى أن يتدخل أحدهم في شؤونك؟ أو تجد نفسك فجأة تحمل حقدا أو بغضا على شخص كنت تحمل له مشاعر التقدير والعرفان؟ بالطبع لن تقبل، لذا تعقل قبل أن تقول شيئا لغيرك واعرف ماذا تقول قبل فوات الأوان، لأنك إن قلت شيئا فأنت لا تملكه وإن لم تقله فأنت تملكه. أيها القارئ العزيز وأيتها القارئة العزيزة، لا تكونوا سببا في تفريق أحبة أو تدمير أسر أو إلحاق الضرر بأحد من البشر. إن كلماتنا سلاح ذو حدين ولكل منا حدود لا يرضى أن يتجاوزها أحد، لذلك إذا أردت أن تحترم حدودك فاحترم حدود غيرك، فما تلاقيه اليوم هو نتاج عملك وتعاملك مع غيرك بالأمس، فاحفظ حدود غيرك، تحفظ حدودك، واحذر من الشرر المتطاير.
alialmoharif@