تسيد عالم الدواء قائمة الابتكارات والاستثمارات إلى الآن في البحث عن علاج هو مخرج من أزمة الكورونا وعدوى انتشارها، كلف ولا يزال عشرات المليارات عالميا، المفاجأة حين صحا المجتمع المتنفذ، والمصنع، والعالم على أن مصانع الدواء وأدواتها وآلاتها جلها في الصين، في موقع انتشار المرض «الأزمة»، معقل الداء والدواء. كل يوم نكتشف تغيرا طارئا في الأسواق العالمية وتصدر الأسواق الواعدة وتفوقها، ولعل الأزمة الصحية الأخيرة كشفت لنا حقيقة سوق الأدوية البديلة والزهيدة أو التي تسمى «المكافئة والجنيسة» التي يعتمد عليها العالم وحتى الدول المصنعة والمتفوقة في هذا المجال كالدول الغربية، كما أعلنت وكالة الأدوية الأوروبية وإدارة الدواء والغذاء الأمريكية، عن ذلك وصرحت الأولى بأنها ومنذ عشر سنوات مضت تعتمد على الأدوية البديلة والرخيصة «المكافئة والجنيسة» من سوق الهند، أجل في الهند هناك عشرات المصانع لصنع الأدوية ولكن هناك حقيقة، فالأدوية تصنع في مصانع في الهند ولكن تعتمد بنحو 70 إلى 90 بالمائة على موارد تصنيعها من أدوات وآلات ومواد العقار «الدواء» من الصين، نستطيع أن نقول أغلب المصنعين لمثل هذه الأدوية ليس فقط في الهند بل في العالم يعتمد على المواد الأولية الصينية. منذ الستينيات كانت الهند تعمل على هذه الصناعة حتى استحقت مسمى «صيدلية العالم» بعد اعتماد أسواق العالم في تغطية متطلباتهم من الأدوية منها، وتزعمت جهودها في تسيد سوق الاستثمارات وصناعة الدواء البديل، والذي يتميز بجودته وبرخصه بشهادة منظمات عالمية، وعليه فإن دول العالم بما فيها الدول الأوروبية وأمريكا تتعامل مباشرة مع الهند كسوق لصناعة الأدوية ليس فقط لكونها «الصيدلية» ولكن يمكننا أن ندرك سلاسة الهنود وسهولة التعامل معهم، بالذات مع دول تحب فرض شروطها وأوامرها لذا فإن الهند كانت هي الخيار الأمثل كسوق للأدوية البديلة لدى الكثير من الدول، ولكن الأزمة الأخيرة أتاحت إمكانية أن تعلن الهند عن دخولها في أزمة قد تلحق ضررا بأسواقها المستوردة بسبب اعتمادها الأساسي على الصين «المنكوبة صحيا»، ووفق تقرير اتحاد الصناعة الهندية فإن الهند لا تملك غير ألف وخمسمائة فقط من شركات تصنيع المواد الأولية الطبية والأدوية مقارنة بأكثر من سبعة آلاف شركة منتشرة في الصين و14000 موزع دوائي محلي، لعل الأزمة الصحية العالمية كشفت الكثير من العجز وبرهنت على أن الصين بالفعل تحكم أسواق العالم. فقد سجلت صناعة الأدوية الحيوية في الهند نموا بنسبة 17 بالمائة منذ انطلاقها في 2009، واستفادت كثيرا من جارتها محققة قرابة 33 مليار دولار أمريكي سجلت في عام 2017 من صناعة الأدوية وتصديرها لأسواق العالم، وتمثل الأدوية المكافئة 20 بالمائة من حجم صادراتها العالمية، ما يجعل الهند ثاني أكبر مصدر للأدوية المكافئة بعد الصين طبعا. ولكن يبدو أن العالم سيواجه أزمة في سوق الأدوية قادمة بعد أن نفد بعضها وارتفع سعر المتوافر من المواد الأولية بنسبة تتراوح ما بين 20-70% على الأدوية المختلفة، وهو أمر متوقع ومرجح جعل الكثير من الدول المستوردة والتي تملك مصانع أدوية، تنظر في شأن إعادة جدوى التصنيع، ولكن هذا الأمر ليس بمفرح، تغير الأسواق المصنعة سيقود أيضا إلى ارتفاع الأسعار، إلا إذا ظهرت بدائل لأسواق واعدة أو استعادت الصين مكانتها من جديد، ما يجعلنا في مأزق حقيقي مع مصدر الداء والدواء. على الرغم من تشجيعي للاستثمار في مجال الصناعة، ولكن بدا لي تصنيع الدواء يحتاج لجهوزية كبيرة لا احسب أنها متوافرة لدينا، لذا فإن الأمر يدعو للتفكير في وسائل بديلة كاستثمارات مصانع الدواء بمعداتها وعتادها الكاملة وتوفير الأرضية واللوجستيات لها بشرط توفير أيد عاملة محلية يمكنها التدرب وأخذ الخبرة مع توفير التعليم اللازم للأجيال القادمة.
@hana_maki00