عندما نشاهد الكون ونتأمل في مخلوقاته، نجد هناك فرقا وتباينا بين مخلوق وآخر، وهذا الاختلاف ناتج عن خصائص أودعها الله تعالى في تلك المخلوقات المختلفة، فخصائص النبات تختلف عن خصائص الجماد، وخصائص الحيوان تختلف عن خصائص الإنسان، ثم ينتقل هذا الاختلاف إلى اختلاف أكثر عمقا وبعدا، فيأتي الاختلاف بين النباتات نفسها فمنها الأشجار والنخيل والأزهار، ولكل واحدة منها فترة زمنية ينمو ويعيش فيها، وكذلك الحيوانات تختلف في تحملها وقوتها واهتماماتها وطباعها، وكذلك الإنسان يتنقل من مراحل إلى أخرى، ولكل مرحلة قوتها وخصائصها.
ومن الفروقات أيضا ما نجده بين الشاحنات الكبيرة والمركبات الصغيرة وما الفرق بينهما ووجه الشبه بينها وبين الإنسان؟. فمن المعلوم أن الشاحنة الكبيرة هي ذات الحجم الكبير المخصصة لنقل البضائع الكبيرة والثقيلة من بلد إلى آخر. اما المركبات الصغيرة فهي ذات الحجم الصغير المخصصة لنقل الركاب والبضائع الصغيرة ذات الحمولة الصغيرة.
أما الفرق بينهما فيتضح في القدرة على التحمل للسير مسافات طويلة بالإضافة إلى القوة التي تتمتع بها الشاحنات الكبيرة، حيث تجعلها قادرة على قطع آلاف الكيلومترات دون تسخين أو تسلخ إطاراتها مع وجود إطارات احتياطية بديلة يمكن أن تستخدم دون حاجة الشاحنة للتوقف بل يكفي رفع الإطار المتعطل عن الأرض، فهي إذن معدة لتحمل قطع المسافات الطويلة ومصنوعة من الحديد القوي الذي يجعلها أكثر قدرة على الثبات والتحمل. بخلاف المركبات الصغيرة المعرضة لأي عطل في الطريق من ارتفاع الحرارة أو انسلاخ أحد الإطارات أو خلافه أو تهشم أو تحطم السيارة نتيجة الاصطدام.
وجه الشبه بين الشاحنات الكبيرة والمركبات الصغيرة والإنسان تتمثل في الفرق بين الشخص القيادي والشخص غير القيادي، فالأول لديه القدرة على تحمل الضغوط ومحاولة الاستفزاز ومشاق العمل والانتقاد وكظم الغيظ والإصغاء، ما يجعله قادرا على تجاوز أي تحدٍ أو صعوبة أو مشكلة قد تواجهه في وظيفته أو حياته مما يجعل خصمه أو عدوه ييأس من محاولاته، وهذا ما يجعله قائدا ناجحا، أما الثاني فلديه قدرة تحمل محدودة فصبره قد ينتهي في وقت أسرع ونظرته للأوضاع قاصرة على اللحظة الراهنة فقط ينجح خصمه أو منتقده أو مستفزه في التغلب عليه بأقل الجهد، فالفرق بينهما كما يظهر في (قوة التحمل).
باختصار يقول د.كفاح فياض مدرب التنمية البشرية في كتابه أفكار من ذهب: «إن احتفظت بهدوئك ووقارك مهما احتدمت المناقشة والموقف، فإنك تكون سيد الموقف وتنتهي باجتذاب القلوب إلى صفك وكسب الرأي العام، فالذي يفوز في معارك الحياة ليس شرطا الأقوى بل الأكثر صبرا وهدوءا، وانظر إلى مروض الوحوش إنه ليس أقوى منها ولكنه استطاع ترويضها».
alhammade9999@hotmail.com