تحديات عديدة يواجهها الكثير من متابعي بعض مشاهير التواصل الاجتماعي، الذين جعلوا من حياتهم أشبه بالقصص الحالمة، التي يتمناها مشاهدوهم ممن وقع في شباك الوهم، الذي بات سائدا في تلك الأوساط المعتمة إذ لم يترك البعض منهم للحقيقة موقع قدم، فقد استبدلتها بالخيال، الذي لا يصدقه سوى المراهقين وبعض ضعاف الشخصية، الذين طالما كانوا يبحثون عن «شماعة» ليعلقوا عليها معاطف خيباتهم ويجعلوا منها موطنا لتعثر أحوالهم، فمن المؤسف أن متابعة برامج التواصل الاجتماعي أخرجت بعض الأسر من القدرة على التعايش مع حياتهم الواقعية وفق الإمكانات المتاحة لهم، إلى السخط والضجر من تلك الحياة، وفقدان التلذذ بما أعطاهم الله من نعم كانوا قد استشعروا قيمتها في وقت سابق قبل تلك الطفرة، التي حدثت في حياة البعض الآخر، إذ بات يستعرضها عبر وسائل التواصل بشكل مبالغ فيه دون أدنى إحساس بمشاعر مَنْ يتابعه ذلك الذي يشاهد ويتحسر على حاله.
لم يعد يهتم البعض من أولئك المشاهير بجودة المحتوى، الذي يقدمونه بقدر اهتمامهم على اقتناء أغلى الماركات وأفخم المنازل وأحدث السيارات، حتى عندما يحاول البعض منهم أن يصنع محتوى ما تجده يركز الشاشة عند حديثه على أثاثه الفاخر أو حديقته الملونة أو يحرص على أن تكون ملابسه من الماركة الفلانية أو عقدها من «البوتيك الفلاني»، مما يأخذ عين وفكر المشاهد إلى تلك التفاصيل، التي تكون «متعمدة أحيانا»، ومن ثم يسأل وكأنه لا يعلم: «تركتوا كلامي المهم وركزتوا على ساعتي؟!، مع العلم بأن يده لم تهدأ خلال حديثه وكأنه يقول (هاه شفتوها؟!)».
نعلم جيدا أن هناك من المشاهير مَنْ أكرمه الله بالمال والجاه، وأن الله يُحب أن يرى نِعمه على عبده، ولكن عندما يتحول الأمر إلى استعراض وتباهٍ بالشكل، الذي قد يكسر نفوس البعض، هنا يجب علينا أن نُحَكم إنسانيتنا قبل عقولنا ونراعي أولئك، الذين كانوا يتقاسمون الرضا من طبق القناعة، الذي طالما كانوا بارعين في إعداده، وساءهم أن أبناءهم لم يبرعوا فيه من بعدهم جراء ما يقع عليهم من إغراءات على التمرد ونعت حياتهم بأبشع الألفاظ، التي قد تخرجهم من رضا الله بنكران نعمه، التي أحجبها عنهم ذلك المتباهي أو تلك المستعرضة.
القناعة لا تتعارض مع الطموح ولكن لتكن تحت سقف الممكن وبين أروقة التمتع بالنعم، التي لدينا كي نستحق الحصول على المزيد، ولنعلم جيدا أننا عندما نفقد القدرة على الاستمتاع بما لدينا الآن لن نستمتع بأي شيء ننتظر حدوثه حتى لو حصلنا عليه لأننا سوف نبحث عن التالي في كل مرة، وننظر فيما نتمنى دائما لا ما حصلنا عليه.
11Labanda@