ألاحظ مؤخرا في مواقع التواصل الاجتماعي ازدياد وتيرة الحماسة من البعض ضد كل ما يتعلق بالعادات والتقاليد والموروث الشعبي بحجة التصدي للخرافة ومحاربة الجهل.
نعم إن كثيرا من العادات لا أساس منطقي وديني لها، لكنها «عادات» شعبية توارثناها كعصارة للتجارب المناسبة لطبيعتنا الديموغرافية والجغرافية والثقافية، وأجمل الشعوب أولئك الذين ما زالوا يحافظون على عاداتهم وموروثاتهم التي تميزهم عن بقية الشعوب.
فعندما أرى «طبيبة» شابة تتهكم بسخرية في مواقع التواصل الاجتماعي التي يتابعها عدد كبير من الشباب والمراهقين على نصائح كبار السن الطبية التي لم يتعلموها في الجامعات وإنما في ميدان الحياة والتي ثبتت صحتها لي شخصيا بالتجربة أشعر بالأسى أولا للأسلوب الذي وصل إليه البعض من تقليل الاحترام والإساءة لكبار السن وأحاديثهم رغم حصوله على قدر عال من التعليم وثانيا للجهل الذي يدعون محاربته بجهل أكبر!
إن تعزيز الهوية لمجتمع ما يبدأ من تعزيز عاداتها وتقاليدها لدى الأجيال بما يضمن ثبات هذه الهوية واختلافها وتميزها، والحرب الحقيقية يجب أن تكون ضد التمييع الذي نراه لمجتمعنا وخرطه في صور وأشكال لا تليق بمجده تحت شعار «محاربة الموروث والجهل».
حيث لا أرى مبررا لمثل هذه الحملات الحادة ضد كل ما يتعلق بالموروث والاستماتة في تفنيده أو إثباته وإقناع الأجيال بضرورة كسر الاحترام لهذه العادات التي نشأنا عليها بغض النظر عن صحتها من عدمه، فالأمر برأيي أبسط بكثير مما يحمله البعض، حيث إن الموروث مكون أساسي في هوية المجتمع وليس عنصرا دخيلا لتتم محاربته بهذا الشكل.
@maiashaq