% 38 من واردات الغاز الطبيعي إلى أوروبا في عام 2019 جاءت من روسيايهاجم السياسيون في الحزب الديمقراطي الأمريكي روسيا بشدة، منذ فوز الرئيس دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة. ولكن عندما يتعلق الأمر بتحدي موسكو، يبدو أن أولويات الحزب الديمقراطي التقدمية الأخرى تغلب على موقفهم الهجومي في النهاية.
ورغم أن الولايات المتحدة حريصة على بيع المزيد من الغاز إلى القارة العجوز، إلا أن الوقود الروسي جذب أوروبا أكثر لأنه ببساطة يكلف أقل.
ويقع على عاتق حزب اليسار السياسي الكثير من اللوم في خسارة الولايات المتحدة لهذه الصفقة، بسبب الحرب القانونية والتنظيمية التي يشنها على قطاع الطاقة الأمريكية.
وتعارض الولايات المتحدة ومعظم أوروبا خط أنابيب نورد ستريم 2، لكن برلين وضعت المصالح الاقتصادية فوق الأمن الجماعي عند حسم الصفقة. وهذا يساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تضررت مكانته المحلية بسبب عواقب انتشار فيروس كوفيد-19 وانخفاض أسعار الطاقة، كما يمنح الديكتاتور الروسي المزيد من النفوذ على الدول الديمقراطية في القارة الأوروبية.
ووفقًا لبيانات الاتحاد الأوروبي جاءت حوالي 38% من واردات الغاز الطبيعي إلى أوروبا من روسيا في عام 2019. وسيضيف خط الأنابيب الجديد 55 مليار متر مكعب من الطاقة السنوية، وهو ما يضاعف حجم المسار الحالي.
على الجانب الآخر، هناك بعض البلدان الأوروبية المستعدة لدفع مبالغ أكبر لتجنب شراء الغاز الطبيعي من بوتين. فعلى سبيل المثال، انخفضت حصة روسيا من واردات الغاز البولندية إلى 60% في عام 2019 مقارنة بـ 89% قبل ثلاث سنوات. وفي حالة اعتماد بولندا على الغاز الطبيعي القطري المسال وخطوط الأنابيب الأمريكية وغير الروسية، يمكن أن تتخلى البلاد عن جميع المشتريات من موسكو في غضون بضع سنوات.
وأفضل طريقة لجذب المزيد من البلدان إلى استبدال الغاز الروسي بنظيره الأمريكي هي جعل الغاز الأمريكي أكثر قدرة على المنافسة، وهو ما قد يحدث إذا توافقت أغلبية الفئات السياسية على تحقيق ذلك الهدف.
وقال جو بايدن، مرشح الرئاسة الأمريكية المحتمل، الذي كان معاديًا للوقود الأحفوري لكنه يود الفوز بالأصوات الانتخابية في بنسلفانيا، الأسبوع قبل الماضي إن «العاملين في قطاع التكسير الهيدروليكي لن يخسروا وظائفهم». وأرسل السيد بايدن إشارات متضاربة خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، حول مدى تأييده من عدمه لاتباع سياسات الطاقة الخضراء في قطاع الهيدروكربونات، لذا فالسؤال الآن هو: هل سيقف بايدن مع اليسار السياسي الأمريكي، الذي فشل في إيقاف مشاريع النفط والغاز من خلال السياسات التقليدية، لكن إستراتيجيته في رفع الدعاوى القضائية ووضع تنظيمات لخنق أعمال منتجي الوقود الأحفوري كانت أكثر فعالية؟.
وبعد سنوات من عرقلة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لخط أنابيب كي ستون أكس أل Keystone XL وافق الرئيس ترامب على استمراره في العمل، لكن علماء البيئة اعترضوا على إعطاء تصريح لسلاح المهندسين بالجيش الأمريكي في عام 2017. وفي شهر أبريل الماضي، أصدر القاضي الفيدرالي بريان موريس Brian Morris أمراً قضائياً على الصعيد الوطني ضد كي ستون، وكان السبب وراء هذا القرار ظاهرياً هو الخوف على الأنواع البيئية المهددة بالانقراض. ولكن يمكن أن يؤثر عدم اليقين، الذي يتسبب في هذا القرار في تهديد خطوط الأنابيب الأخرى أيضًا.
وفي سياق متصل، أمر القاضي الفيدرالي جيمس بواسبيرج James Boasberg هذا الشهر بإغلاق خط أنابيب داكوتا أكسيس Dakota Access، الذي يعمل منذ ثلاث سنوات حتى تتم مراجعته بيئيًا. وألغت شركة دوك إينرجي Duke Energy ودومينون إينرجي Dominion Energy مؤخرًا خط أنابيب ساحل المحيط الأطلسي البالغ طوله 600 ميل، بسبب مخاوف من عدم اليقين القانوني والتنظيمي. وسيتبع ذلك إغلاق المزيد من خطوط الطاقة الأمريكية، وبلا شك سيكون الرئيس بوتين سعيدا بهذا التراجع الأمريكي.