عندما ألقت الجائحة بظلالها على العالم غيرت الكثير من أنماط المعيشة المتبعة سابقا، كما بسطت العديد من السلبيات على أرض الواقع لترضخ الجميع على الاعتراف بكيانها الذي امتد من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، ولكن هذا لا يعني أننا لم نستخلص منها بعضا من الإيجابيات التي غيرت الكثير من المفاهيم الخاطئة وعدلت العديد من السلوكيات غير المتزنة مما انعكس على الفرد والأسرة ومن ثم المجتمع بالنفع والقدرة على استخراج المنح من قلب المحن، ففي الوقت الذي كنا نشعر فيه بضرورة الاقتصار على شراء المستلزمات الأساسية للأسرة والابتعاد عن اقتناء الكماليات خلال فترة الحجر كنا في الوقت ذاته نتشرب ذلك الدرس المهم الذي يبدأ بمعرفة الفرق بين الأساسيات والكماليات في حياتنا، وينتهي بالسؤال الأهم الذي يتوجب علينا أن نسأله لأنفسنا: هل هذا الشيء الذي أنوي شراءه يعد أساسيا في حياتي أم كماليا؟ أستطيع العيش بدون أم لا؟، من هنا قد يسهل علينا ضبط ميزانية الأسرة والتعرف على ثقافة الادخار التي يجهلها الكثير.
«اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» عبارة يرددها ويطبقها أولئك الذين يشتمون حظوظهم بأبشع الألفاظ كلما شعروا بأن من حولهم تقدموا بخطوات واثقة إلى الأمام وهم لم يبرحوا مكانهم، من المؤكد والمعلوم بأن الله واسع الرزق كريم العطاء ولكن هذا لا يعني أن يصرف البعض كل ما لديه وينتظر عطاء الله بلا عمل أو تدبير، مما قد ينتج عن ذلك حياة مالية غير مستقرة ونكسات مفاجئة ومتعاقبة نظرا لغياب التخطيط المالي المسؤول والطموح الذي يضمن للأسرة الحياة الكريمة الآمنة في ظل ما نشهده من تطورات وأحداث متسارعة تتطلب الترشيد في الاستهلاك والسعي للوصول إلى مرحلة الأمان المالي.
من المحبط أن تمر هذه الأزمة دون أن نكون قد تعلمنا منها شيئا لمستقبلنا، كما أن المحاضرات والدورات على الشبكة العنكبوتية قد سهلت الأمر من خلال ما تطرحه عن هذا الموضوع الذي أصبح من أهم الأمور التي يجب علينا معرفتها والحد من ذلك النزيف المالي الذي لن نشعر بخطورته إلا عندما نقع في مأزق نندب على أثره حظوظنا ونشتكي القلة، مما يجعل طرح فكرة إدراج مادة تعنى بالحفاظ على الأمن المالي للأسرة وتعزيز ثقافة الادخار على طاولة وزارة التعليم أمرا في غاية الأهمية ليس للمراحل الدراسية المتقدمة فقط بل ليكن للمراحل الأولى نصيب من ذلك.
11Labanda@