لكل حقبة زمنية أدواتها ووسائلها المعرفية التي تعين الأسرة على ممارسة دورها التربوي المؤثر في مجتمعها. حيث إننا في زمن تتعدد فيه الطرق والمصادر التربوية التي تسهل على الأبوين التكيف مع التغيرات السريعة التي نعيشها. ولكن وبالرغم من إيجابيات هذه التغيرات إلا أن السلبيات التي يواجهها بعض الآباء قد تعيق دور المنظومة الأسرية في العملية التربوية لأفرادها. فالغزارة المعرفية والعلمية في عملية المدخلات والمخرجات من وإلى منظومة الأسرة سببت بعض الارتباك والتناقض التربوي بين أفرادها. كل أسرة لها ثقافة خاصة تحاول تأصيلها بشكل تربوي بين أفرادها، ولكن قد يتعارض ذلك مع ثقافة المحيط.
الطفل بين التربية والتعليم، حيث إن الفرق بينهما يكمن في نوع وطريقة عرض المحتوى وكيفية ممارسته وتطبيقه بالنسبة للطفل. فالتربية قائمة على كيفية صقل شخصية الطفل بناء على القيم والمبادئ التي ترتكز عليها كل أسرة. فالثقافات الخاصة بين الأسر في مجتمعنا لها طرق معينة في كيفية غرس البذور التربوية سواء كانت إنسانية أو دينية أو اجتماعية وغيرها. وتستمر العملية التربوية في الأسرة في مساعدة الطفل في كيفية الاعتناء بهذه البذور المغروسة حتى تنمو وتثمر مستقبلا. ومن جهة أخرى، فإن التعليم عامل أساسي يضيف للتربية علوما ومعارف تدعم عقلية وعاطفة الطفل ليكون قادرا على العطاء لنفسه ومجتمعه ووطنه.
وكما أسلفت سابقا فإن تعدد المصادر المعرفية والعلمية قد اختصر الكثير من الممارسات التربوية والتعليمية التي تمارسها الأسرة على أفرادها. وكأن دور الأبوين قد اقتصر نوعا ما على التوجية والرقابة، فوجود العالم التقني أجبرنا على أمور كثيرة لمواكبة تغيرات الزمن.
فالقيمة الإنسانية للطفل يجب أن تبدأ بالتربية وذلك بمساعدة الطفل على اكتشاف نفسه. لاستخراج الكنوز المهارية الملائمة للمحتوى التعليمي وتنميتها ومن ثم تطويرها استنادا على القيم المراد غرسها في الطفل. ومع الوقت يبدأ الطفل بتهذيب نفسه معرفيا وعلميا حتى يستطيع ممارستها تلقائيا.
فالتربية تضيف مادة أخلاقية وسلوكية للطفل تساعده على فهم المحيط وكيفية التعامل معه بشكل سليم. لذلك على الأبوين مساعدة الطفل على رحلة الذات واستكشاف مواطن القوة وتسخيرها وترميم مواطن الضعف وتطويرها. مهما تعددت المصادر المعرفية وتنوعت محتوياتها إلا أن التوجيه والرقابة من الوالدين ضروري جدا للتقويم التربوي داخل الطفل والتهذيب النفسي.
فعقلية الطفل الإسفنجية يجب أن تتغذى على القيم والأخلاقيات الصحيحة ليكون قادرا على التمييز بين الصواب والخطأ. وبالنسبة لعاطفة الطفل، فإنها تتشكل على حسب معطيات المحيط ودور الأبوين ضروري جدا لأن التقصير قد يدفع الطفل مستقبلا لعواقب تربوية غير محمودة.
وأخيرا، أتمنى من التعليم أن يراعي أهمية التربية في الصفوف الأولية بعيدا عن المحتوى العلمي. فتقديم المعرفة للأطفال في هذه المرحلة بناء على القيم والمبادئ التي أسسها الأبوان، سيساعدهم على التعرف على شخصياتهم. ومن خلال السلوك سوف تتعاون الأسرة مع المدرسة على معرفة النواقص التربوية ليتم العمل على إضافتها وتطويرها.
FofKEDL@