الثقافة «درجة من الإدراك الإنساني للإلمام بظواهر الأمور وبواطنها، ومعرفة الأشياء»، الثقافة الأدبية ضرورة من الضرورات اللازمة للمعلم كما يرى ذلك الإعلامي اللامع والمثقف الكبير أديبنا الأستاذ خليل إبراهيم الفزيع.
إنني أتفق تمام الاتفاق مع الصديق الفزيع، فيروى عن أستاذ التربية الأمريكي المشهور جون ديوي المتوفى عام 1952م أنه كان يلقي درسا على طلاب المدرسة الابتدائية التي أنشأها ملحقة بجامعة شيكاغو لتكون المدرسة ميدانا للتطبيقات التربوية الحديثة. يقول ديوي كان الدرس عن صناعة القطن في مصر وفوجئ بطالب يسأله: «لماذا بدأ الإنسان بصناعة ملابسه من الجلود ولم يبدأ بالقطن؟» هنا لم يكن لدى ديوي جواب فأجل السؤال إلى الأسبوع التالي.
وبالنسبة لي شخصيا فقد كانت الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي في ذروتها. أحببت تغذية عقول وأفهام طلابي بالسنة الرابعة الابتدائية بالجزائر البلد وبالجزائر الثورة. بالنقاش عززنا فكرة (عروبة الجزائر) وأن علينا في السعودية نصرتها ونصرة ثورتها، وكعادتي في آخر الدرس فتحت الباب أم الأسئلة، وهنا شعرت بالدوار، فوجئت بالسؤال الأهم والصحيح والذي ما فكرت فيه يأتي من أحد الطلاب وهو: ما هي عاصمة الجزائر يا أستاذ؟؟ ما كنت أعرف يومها عاصمة الجزائر. وفجأة ولم أكن يومها تلقيت دروس تربية فأنا مدرس أحمل شهادة السنة الخامسة الابتدائية فقط، وطبعا ما أعرف أمريكا ولا أعرف فيلسوف التربية فيها، فجأة وجدت نفسي أرد السؤال إلى الطلاب وأطلب منهم البحث عن جواب لهذا السؤال حتى حلول الحصة في اليوم التالي. كان هذا مخرجا لي ولكنه دليل لي على أن العلم ثروة إنسانية يغترف منه كل إنسان ما يشاء من حيث شاء ومتى شاء.
الأستاذ الفزيع يرى أن الثقافة «لا تكتسب على مقاعد الدراسة، ولا تلقن عنوة، ولا تحقن بالأمصال ولكنها رغبة تنمو في نفس المعلم وغيره». إنك تجدها في القراءة الحرة، ومتابعة الفعاليات الأدبية.
للفزيع أربعة وعشرون كتابا منها الشعر، وأدب الرحلات والثقافة العامة والقصة. عمل في التعليم وفي الإعلام وتنقل للعمل بين دولة قطر والدمام. هو يؤمن بالإنجاز ولا يأنف أن يكون رئيس تحرير جريدة (اليوم) وفي نفس الوقت يعمل بالنادي الأدبي.
زاملته في نادي المنطقة الشرقية الأدبي، وكان يتحرك في تواضع جم بيننا زميلا وناصحا أدبيا، وكان لي شرف ترشيحه رئيسا لتحرير مجلة (دارين) التي أصدرها النادي.
أزهو بمعرفتي للصديق الفزيع وأعتز بوطنيته وحبه للناس.
aboaalisa@yahoo.com