أعتقد لو تم عمل استبانة على أصعب جملة مرت علينا في السعودية، بل على كل مسلم ومسلمة على وجه البسيطة أثناء الجائحة ستتغلب هذه الجملة «صلوا في بيوتكم» على كل الجمل والعبارات، فلقد أبكت كل مَنْ تعلقت قلوبهم بالمساجد، ولن ينسى بكاء أغلب المؤذنين عند نطق «صلوا في بيوتكم»، ورغم صعوبة إغلاق المساجد، الكل تقيد وتحولت الصلوات من المساجد إلى المنازل حفاظا على سلامة المجتمع من انتشار هذا الوباء.
وبحمد الله أشرقت شمس الأمل يوم الثامن من شوال بالعودة للمساجد، حيث أصدر معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد د. عبداللطيف آل الشيخ، تفاصيل العودة إلى المساجد والجوامع، بعد الأمر الملكي برفع إيقاف صلاة الجمعة والجماعة لجميع الفروض بمساجد وجوامع المملكة ماعدا مدينة مكة المكرمة، فكما انهمرت دموع المصلين حزنا على فراق المساجد، هاهم يعودون للصلاة ودموع الفرح تسابق في سقوطها خطواتهم للمساجد!
عندما نتأمل الاشتراطات والإرشادات، التي ذكرها معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، نجدها في غاية الأهمية للحفاظ على صحة المصلين من انتقال أو نشر الوباء لا سمح الله، حيث أكد معاليه فتح المساجد قبل الأذان بـ «15» دقيقة وإغلاقها بعد الصلاة بـ «10» دقائق، مع الإبقاء على تقليل مدة الانتظار بين الأذان والإقامة إلى «10» دقائق، إضافة إلى فتح النوافذ والأبواب من دخول الوقت إلى نهاية الصلاة، ورفع المصاحف والكتب مؤقتاً، ولتطبيق التباعد الاجتماعي وإلزام المصلين بترك مسافة بمقدار 2م بين كل مصلٍ، وإغلاق جميع برادات وثلاجات المياه، وإغلاق دورات المياه وأماكن الوضوء... إلخ.
لن ينسى تاريخ الثامن من شوال استقبال المساجد للمصلين، وكيف كان الكل متقيد «كمامات» وممنوع المصافحة ولا اجتماع فقط «السلام نظر» أو السلام عن بعد! لقد قابلت الجيران ولم أقابلهم! والجميل في الأمر، إحضار كل مصلٍ سجادته، حيث رسم اختلاف أشكال وألوان سجاداتهم مع تباعدهم لوحة جميلة داخل المسجد!
أختم بذكر أمثلة بسيطة تتجلى فيها أهمية المساجد وما تخلقه من ألفة ومحبة بين المصلين ليس من باب الوعظ، فأنا لست واعظا، ولا أعتقد أن جمال أجواء المساجد وأهمية صلاة الجماعة غائب عنكم، على سبيل المثال عندما يكون لدى أحد المصلين مناسبة جميلة أيا كانت، تجد جيرانه من مسجد الحي أول مَنْ يقدمون له التهنئة، وعندما يمرض أو يفقد عزيزا، تجدهم بجواره.
أيضا هناك اجتماعات قد تكون أسبوعية أو شهرية في أغلب المساجد، فمن يأتي إلى مسجدنا بالحي مسجد ابن تيمية قبل الجائحة، يشم رائحة قهوة ابن «سعران» قبل الدخول للمسجد، ولدينا في نفس الحي مسجد طلال الهاجري، الذي تميز بالتأخير في إقامة صلاة الفجر وأصبحت ميزة مغرية لمَنْ يتأخر، وهناك ميزة أخرى في نفس المسجد، تتمثل في قهوة أبو صالح اليومية مع كل فجر مع التمر وبعض الحلا لمَنْ يمكث في المسجد حتى الإشراق، وأنا على يقين بأن هناك العديد من القصص والمواقف الجميلة في ذاكرة المصلين مع مساجدهم، وللتواصل قمنا بتفعيل مجموعة «الواتس-آب» لمسجدنا وشعارنا، فقدنا الصلاة في المسجد ولم نفقد الصلة.
في الختام، مازال خطر (كورونا) موجود فلا نغتر برفع الحظر وعليه كل فرد منا مسؤول عن تصرفاته فنحن امام مفترق طرق ، فإما نسمع سدوا الفرج ..ساووا الصفوف قريبا ، او لاقدر الله نعود للحظر وتعود معه (صلوا في بيوتكم)
Saleh_hunaitem@