الإصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها حكومة المملكة في السنوات الماضية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله-، نجحت في أن تجنب اقتصاد المملكة الكثير من التبعات الصعبة التي كان من المتوقع أن تتسبب بها آثار جائحة فيروس كورونا المستجد، لولا اعتماد العديد من الخطط والإستراتيجيات التي من شأنها بث المزيد من القوة في الاقتصاد المحلي والتوسع في المنظور العام لمرتكزات موارده، حيث تضمنت تلك الخطط الاعتماد على سياسات تضمن التنوع في مصادر الدخل وتنمية الإيرادات غير النفطية، وتقليل الاعتماد على البترول والتركيز على الاستثمارات وهو ما جنب البلاد هذه الأيام سيناريو كارثيا.
وحين نقف عند ما تم إعلانه من قبل شركة أرامكو السعودية عن توزيع أرباح نقدية للمساهمين بقيمة 70.32 مليار ريال (18.75 مليار دولار) عن الربع الأول من عام 2020، وأنه رغم الظروف الصعبة بالغة التعقيد وسريعة التغير نتيجة تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تمكنت أرامكو السعودية من تحقيق أرباح وتدفقات نقدية حرة قوية، رغم ضعف الطلب على الطاقة وانخفاض أسعار النفط بسبب الأزمة، نجد أن هذا الإعلان من قبل أرامكو السعودية يعتبر دلالة أخرى تندرج في سياقها وحيثياتها بارتباط تام مع المشهد المتكامل، الذي يصور لنا قدرة وقوة الاقتصاد السعودي التي يستمدها بالأساس من حكمة التخطيط الدقيق والقراءة التفصيلية لواقع كافة المتغيرات الإقليمية والدولية، والرؤية المستقبلية الشاملة في التخطيط والتوقعات وحسن الاستشراف التي كانت منصة انطلاق كافة القرارات التي تقرها الدولة، في سبيل ضمان استدامة قوة وقدرة اقتصادها والنجاة به من كل الظروف الاستثنائية والمتغيرات الطارئة، التي هي في مفهوم الاقتصاد واقع يعيد نفسه في تاريخ الدول ويحسن تقديره من كان له ذلك الحس من الاستدراك والقدرة على الإدارة المالية والتحكيم في المصروفات الأساسية بما يضمن استمرار المسيرة التنموية.
وما نشهده اليوم من قرارات اتخذتها حكومة المملكة والتي صاحبت ما يمر به الاقتصاد الدولي من أزمات بسبب آثار الجائحة العالمية بالتالي تجد طريقها للاقتصاد السعودي، والتي تضمنت الإعلان عن حزمة من الإجراءات الهادفة لحماية الاقتصاد المحلي مع تجنب اتخاذ قرارات مؤلمة، بل يتم علاج هذه الأزمة بحكمة لا تضر المواطن ولا تؤثر على مسار التنمية بصورة تضمن مواصلة الإصلاحات الاقتصادية بجدية كاملة، والمضي في معالجة الأزمة بما يضمن تجاوز السيناريو المتشائم لشكل الكساد التجاري الناجم عن الأزمة والذي يشير لانخفاض التجارة العالمية لأكثر من 30%، وأن معدلات النمو المحلية في اقتصادات العالم ومنها المملكة ستتأثر سلبا على نحو كبير في العام 2020 ومرجح أن تستمر هذه التداعيات لفترة طويلة.
فحين نمعن النظر في كافة هذه التفاصيل الآنفة الذكر نستشعر ركائز تلك الثقة التي يوليها المواطن في أرض المملكة لقدرات قيادته، وكافة قراراتها التي تضرب مثلا للعالم في حسن إدارة الأزمات الاقتصادية، مهما اختلفت ظروفها وتشعبت مؤثراتها فهي ستجد رؤية تسبقها وحكمة تحتوي كافة جوانبها.
article@alyaum.com