** كنت وغيري أتفهم هذه المعادلة، وأعني بها الحالة الخاصة بالجابر، عندما كان لاعبا وإداريا ومدربا في الهلال، وهذا أمر طبيعي لجماهير وإعلام وقناعات، لأنها تدخل في لعبة الميول، وهذه الرؤية موجودة في كل العالم، فقد تجد مدريديا يكره ميسي أكثر من حبه لراموس والعكس صحيح، لأن ذلك نابع من النظرة الشمولية وليس الشخصية «النادي وليس النجم» ولكن بمجرد انتهاء علاقة كل لاعب مع ناديه، تنتهي هذه النظرة.
** ولكن في ملف سامي الجابر الوضع مختلف كثيرا، فالمطاردة في (الكراهية) و(الحب) مستمرة، حتى والأمر بعيدا عن الهلال وعن المنافسات المحلية، فالحماسة على مستوى الجانبين مشتعلة ولا تحتاج إلا لمناسبة حتى ولو كانت عادية ليشتعل الصراع المتجدد.
** ولأنه سامي، فقد نجد هذه التناقضات مبررة للجانبين في حالة الحب الأعمى والكره الأعمى منه، ومما يزيد هذا الطرح تعقيدا، أن المتفرجين وهم قلة، ربما يندفعون مع كل اتجاه أكثر من طرفي النزاع، كل حسب مصلحة فريقه، فقد نجده مع الجابر في مرحلة ما، وضده في مرحلة أخرى.
** ولأنه سامي، فقد يضخم منه كل عمل صغير من الكارهين، ويقلل من حجم أخطائه من المحبين، وهذا المنوال كان عنوانا لمراحل الذئب لاعبا وإداريا ومدربا في كل محطاته حتى مع فرق غير ناديه الأصلي.
** ولأنه سامي، فقد بقي كارهوه عندما كان في الهلال هم نفس الأسماء عندما درب الشباب، والعكس صحيح بقي محبوه في مواقعهم، وهذا ما يفسر لنا حالة الجابر الخاصة في ساحتنا الرياضية.
** ولأنه سامي، فقد تبين لنا أن توهج هذا الاسم لا يعتمد على ناد أو أي مؤسسة رياضية أخرى، فهو ليس كالسمكة عندما تخرج من البحر تموت، كما هي بعض الأسماء اللامعة عندما خرجت من أنديتها الكبيرة إعلاميا وجماهيريا ذهبت مع الريح، أو تقلصت شعبيتها وانقلبت عليها جماهيرها، أو حتى أفل نجمها وتوهجها ولمعانها، فالجابر عندما خرج من الهلال بقي الكثير من الهلاليين متيمين به، ولم يفقد الذئب حضوره الأخاذ وهو يدرب الشباب البعيد عن الإعلام والجمهور مقارنة بالفرق ذات الشعبية الجارفة في المدرجات والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وبقي سامي الجابر متوهجا اسما بغض النظر عن موقعه!!
** ولأنه سامي الجابر.. فقد أمعن البعض في التقليل من إنجازاته الشخصية التي يتصدر فيها (النجم الورقي) أروقة الفيفا في بعض الأحيان، ولعل مشاركته في أربعة مونديالات وتسجيله في ثلاثة منها كأول وآخر نجم عربي حتى الآن يحظى بهذه (الميزة) وهذا التفرد، وصناعته وتسجيله أهدافا حاسمة مع فريقه والمنتخب لم تشفع له عند البعض أن يكون نجما.. بل هو في نظرهم لاعب (واسطة) تم دعمه على حساب نجوم آخرين.
** سامي الجابر كما يقول الراحل الكبير أبو بكر سالم في أغنيته الشهيرة (قضية لم يتحملها ملف) وبصمت على ذلك عندما قرأت وسمعت الجدال الذي أثير في الأيام الماضية حيال ترشيح الجابر لمنصب ما في حالة إتمام صندوق الاستثمار السعودي شراء نادي نيوكاسل الإنجليزي، وما تبع هذا الجدال من تراشق وكأن لسان الذئب يقول (أنام ملء جفوني عن شواردها.. ويسهر الخلق جراها ويختصم).
** السؤال الأهم في ملف الجابر.. كيف لنجم مصنوع أن يستمر توهجه بهذه الطريقة لسنوات بعد اعتزاله.. ولا يكل خصومه عن مطاردته والتقليل منه حتى لدعوة عابرة من الفيفا لحضور مناسبة رياضية؟