في الأيام القليلة الماضية، تمكنت النيابة العامة من التعامل مع ٤٨٥ قضية خرق للقانون مرتبطة بتوثيقها بالتصوير والنشر مما يثير السؤال المهم: ما الذي يجعل هؤلاء الأشخاص يقومون بذلك؟
قبل أي عتب، أو اتهام للأسر وأولياء الأمور بعدم التربية والمتابعة وغيره، يجب أن ندرك أن التقنية ومواقع التواصل ما هي إلا أخطبوط متعدد الأذرع، والمتابعة الدقيقة قد تكون ممكنة على الأطفال لكنها شبه مستحيلة مع المراهقين والكبار، خاصة وأن عددا كبيرا من الذين تم القبض عليهم تتجاوز أعمارهم ١٨ عاما!
في اعتقادي أن هذه المعضلة متجذرة منذ القدم - وفي كل المجتمعات وليس لدينا فقط - وهي معضلة لذة خرق القوانين والنظام والتباهي بذلك، ولهذا جاء ديننا الحنيف مهذبا لمثل هذه العادات السيئة حين نهى رسولنا الكريم عن المجاهرة بالمعصية وقرنها بعدم المعافاة، إن ظاهرة التباهي بقلة الأدب وقلة الوعي وقلة الاحترام لا تمثل إلا جهل صاحبها، حيث يفتقد الكثير من مستخدمي هذه المواقع لثقافة «التمييز بين المقبول نشره وغير المقبول»، والفضل طبعا لمطبعي السخافات في مجتمعاتنا الذين ينشرون ويشاركون كافة تفاصيل يومياتهم في منازلهم وأعمالهم وبين عائلاتهم، ناسفين بذلك تاريخا عريقا عرف عن العرب باحترامهم وتقديرهم للخصوصية.
إن هذه الظاهرات المشينة التي طفحت للسطح من خلال مواقع التواصل تستدعي التفكير جديا بمادة علمية جديدة تطرح كمنهج تعليمي يواكب المرحلة التقنية التي نعيشها تهدف إلى تعزيز الحدود والأخلاقيات لدى النشء عند استخدام هذه المواقع ومساوئ اختراق ذلك وتبعاته عليهم وعلى مستقبلهم وعدم التهاون في ذلك لضمان الحد من هذه الجرائم أو تلاشيها نهائيا مستقبلا، فتوثيق التجاوزات ما هي إلا جرائم سيدفع ثمنها غاليا هؤلاء المغرر بهم باسم «التحديات» في قروبات هذه المواقع التي تخلق هالة من الجنون حول بعض مستخدميها المتهورين.
@maiashaq