مثل إنجليزي يقول: إن من طبيعة المرء أن يقُلّد من يحب، وربما صدق المثل عندنا في لهجتنا المحلية أن نتحدّث بنفس الطريقة التي يتحدّث بها الممثل أو المُغنّي اللذان استمزجناهما،أو نُقحم لغة دارجة مثل كلمات الأغنية التي نحبها.
فلقد انتشرت كلمات وتعابير بين الشباب لم تكن مستعملة من ذي قبل للمقصد المطلوب. منذ قرابة منتصف التسعينيات من القرن الميلادي الماضي، اقتحمت حديثنا الشفهي، ثم إعلاناتنا التحريرية مفرد «رهيب» ليصف بها البعض شعور الإعجاب أو الجمال أو الحلاوة لشخص أو طعام أو شراب أو لباس.
المعاجم تقول إن المفردة يقابلها بالإنجليزية Terrible، وتعني خوف عميق مستمر على غير أساس من واقع الخطر أو التهديد من موقف ما، أو شيء معيّن، ويرى السُّلوكيون أن هذه المخاوف نتيجة لسلسلة من الارتباطات بين كثير من المؤثرات السلبية، أو أفلام الرعب والمواقف التي لا تحبها النفس البشرية ويخشاها الأطفال وتحذر مقدمات الأفلام التي تُعرض للعلن من أن هذا الموقف فيه مقاطع قد يخشاها المشاهد.
لاحظتُ ذاك النزوع عند أطفالنا، فلو سألتهُ عن شيء أعجبه لن يجد ما يُعبّر به سوى (رهيب).
وفي المعاجم العربية إذا قلنا مثلا: صَمْتٌ رَهِيبٌ فِي الْقَاعَةِ فإن الشرح يأتي هكذا: سكوتٌ مطبق وصمتٌ مُهين كأنه صمت الموت..!
أقول ما الذي يدفعنا للبحث عن تعابير ومفردات اعتقدنا ظلالا أو تفاخرا بأنها ستكون جاذبة للسامع وتحسينا لفظيّا لحديثنا.
رهيب اسم، الفعل أرهب إرهابا، وظننت أن الناس سيتركون الكلمة وشأنها مع حملات مكافحة الإرهاب، ولن يرضى فرد أن يتّصف بالإرهاب حتى لا تجري متابعته من مخابرات أكثر من دولة!.
المفردة سبق إليها القرآن الكريم، لكنه جعلها لإرهاب العدو استعدادا لحربه "تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم".
تستوقفني أيضا مفردة دارجة في معظم أجزاء الوطن العربي، وهي كلمة (بطّيخ) تلك الفاكهة الصيفية المحبوبة في بلادنا وفي غيرها، وأيضا كانت الفاكهة التي رافقتنا في أيام الشحّ، أيام لم يكن للموز والبرتقال والكمثرى وجود يُذكر. هذه الفاكهة النافعة تّرافق اسمها مع الهزء والسخرية والتندّر والسياق اللغوي، فنجد مُرافقا لها فيه من السلبية الكثير. فلو أردنا أن نتخذ موقفا سلبيا من مادة أو عمل فتجدنا نقول مثلا: لا كذا ولا بطيخ، وكأن البطيخ مرافقا لسوء التقدير.
ما الذي دعانا إلى تلك التبنيات لا أدري.
A_Althukair@