حتى «الخير» له لصوص يتربصون به وبفاعليه بكل الوسائل؛ لكي يأخذوا اللقمة من أفواه المحتاجين والمعسرين. هؤلاء اللصوص هم من يستغلون كل بادرة خير، حكومية أو مجتمعية أو فردية، ويتحايلون عليها وعلى أنظمتها واشتراطاتها؛ لكي يحصلوا على ما لا يستحقون، مثلهم مثل من يقف أو تقف في الشارع تتسول الناس لساعات وهي تكنز الألوف المؤلفة من الدراهم طمعا ودناءة.
هناك من نقل من قبل، مع شديد الأسف والألم، عن استغلال البعض لحملة «فرجت» على أبشر، التي أطلقتها وزارة الداخلية كباردة جميلة تقوم على التبرع من المحسنين والسداد عن المعسرين المسجونين في قضايا مالية غير جنائية. المستغلون لهذه الحملة يتفننون في التحايل وإطلاق الهاشتاقات على منصة «تويتر» ليخدعوا الناس بحاجاتهم وضرورات السداد عنهم باعتبارهم محسوبين على من تنطبق عليهم شروط حملة «فرجت».
وهناك من اللصوص من يبذل كل طاقته الاحتيالية ليحصل على مجموعة من سلال الخير التي يتبرع بها المحسنون، وهو في غنى عنها لولا حقارة النفس ورخص التصرف. وكم من رجل وامرأة من الأخيار الكرماء خدعهم حرامي أو حرامية فأغدقوا عليه شفقة ورحمة ثم تبين أنه كاذب غشاش مخادع.؟!
المشكلة أن هؤلاء اللصوص الأشرار يتسببون في إغلاق أبواب خير مفتوحة لمحتاجين ومحتاجات بحق، فحين تتوالى هذه التصرفات اللصوصية وتشيع في المجتمع يبدأ الناس في التفكير وعدم الثقة في من يطلب المساعدة أو الصدقة. وهذا حدث بالفعل مع كثيرين سجلوا مواقف من فعل الخير نتيجة خبراتهم السابقة في أكثر من موقف. ولذلك أرى، خاصة مع وجود تقنيات التبرع الإلكترونية، أن ينتبه الناس المحسنون إلى ما هو حقيقي وما هو مزيف من مبادرات ووسائل فعل الخير. وألا يصدقوا كل ما يسمعون أو يقرأون، بل أن يتثبتوا بحرص شديد من أن تبرعاتهم تذهب فعلاً إلى محتاجين ومعسرين حقيقيين. وهذا التثبت، بالمناسبة، ليس صعباً على الإطلاق. يكفي مثلاً أن تسأل وتتقصى من جهات رسمية أو مجتمعية معتمدة قبل أن تضع يدك في جيبك.
@ma_alosaimi