يدخل فيروس كورونا المستجد شهره الرابع منذ ظهوره لأول مرة، ومنذ ذلك الوقت نرى إجراءات عديدة احترازية ووقائية تعمل عليها الدول لحماية مواطنيها والمقيمين على أراضيها بالإضافة للإعلان عن مبادرات لدعم قطاع الأعمال، ونجد أن العالم أجمع في الوقت الحالي مشغول بهذه الأزمة والتي ندعو الله أن تنتهي على خير في أقرب وقت ممكن، ولكن تبقى العديد من التساؤلات حول المرحلة التي تلي تلك الأزمة، وكيف سيكون الحال في مختلف الدول؟.
قد يرى البعض أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن تلك المرحلة، ولكن كوجهة نظر شخصية أرى أن من المهم البدء بفلترة الأفكار لتلك المرحلة المهمة، فخارطة العالم «النظام الاقتصادي العالمي» ستتغير بلا شك وبشكل جذري قبل الجوانب الأخرى والبروتوكولات، ولا أعتقد أن قارة أوروبا ستبقى متربعة على عرش جذب واستقطاب الكفاءات والأموال العالمية كما اعتادت عليه بعد كل أزمة تمر على العالم، وأعتقد أن المعادلة القادمة ستميل لتفضيل أسس حفظ النفس البشرية قبل أي عامل آخر، ولا يعني ذلك تجاهل الأسس الاقتصادية.
عدت بالذاكرة لتأمل كلمات سيدي ولي العهد «حفظه الله» في إحدى المناسبات حينما قال «أنا أعتقد أن أوروبا الجديدة هي الشرق الأوسط، والمملكة العربية السعودية في الخمس السنوات القادمة ستكون مختلفة تماما، وسوف تكون اللحظة القادمة في العالم بالشرق الأوسط إن شاء الله»، وبدون أي شعور وبشكل يومي أردد الاستماع لتلك الكلمات وأربطها مع كلمات أخرى ذكرها سيدي ولي العهد «حفظه الله» في أحد لقاءاتنا قبل عدة سنوات حينما ذكر بما معناه «أنتم في دولة لها ثقلها عالميا في مختلف الجوانب وبشكل لا تتخيلوه».
الحديث عن مرحلة ما بعد الأزمة لا يكفيه مقال واحد، وفي هذا المقال سأتطرق لبعض النقاط التي أرى أهمية لها، ومن المهم أن يتم التركيز عليها بشكل أكبر للمرحلة القادمة، فالأعين ستكون متجهة بشكل أكبر على الشرق الأوسط «عامة» وذلك لعدة اعتبارات، والمملكة بشكل خاص تماشيا مع مستهدفات أعلنت عنها المملكة في وقت سابق والتي أعتقد أنها ستكون محط أنظار العالم.
أكاد أجزم بأن مشروع أرض «نيوم» المستقبلي والذي أعلنت عنه المملكة في وقت سابق هو المشروع الأكثر جراءة للمستقبل القادم، وستكون تلك الأرض أحد أهم الوجهات التي ستعزز من مكانة منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وهذا المشروع سيلعب دورا مهما في تحسين الصورة الذهنية للمنطقة والتي كانت من أسخن المناطق سلبية وفوضوية «وفقا لأحداث السنوات السابقة»، ومثل هذا المشروع من المهم أن يكون العمل عليه بشكل متسارع لأن الحاجة له أصبحت أكثر مما هو مستهدف.
أيضا من النقاط المهمة للمرحلة القادمة، إعادة النظر في سياسات الرعاية الصحية والاحتياطيات الإستراتيجية من الإمدادات الرئيسة ومرافق إنتاج المعدات الطبية، ومهما وصلنا من تقدم في هذا الجانب إلا أن أهميته تستدعي العمل على «التطوير المستمر» من خلال ضخ وجذب استثمارات أكبر، وأضيف لذلك إعادة هيكلة المؤسسات التعليمية والتي ما زلنا نأمل منها التحول الكبير لأن توقعي الشخصي أن المرحلة القادمة لن تكون مرحلة مرنة كما يعتقده الكثير، وفي هذا الجانب فأنا أتفق مع آراء الكثير في ضرورة التأني قبل التوجه لما يعرف بالخصخصة.
فيما يخص تحولات سوق العمل، من المهم أن يكون استعدادنا بشكل أكبر للتحول الجذري الذي سنواجهه بسبب تبعات الركود الاقتصادي العالمي وما بعد ذلك من تغيير للمشهد الاقتصادي والذي سيمتد لسنوات مما يربك سوق العمل في كل أنحاء العالم، وايضا للاستعداد المبكر للمرحلة التي ستلي تبعات الركود والتي أعتقد كوجهة نظر شخصية أن المملكة ستكون محط أنظار آمنا على مستوى العالم لعدة إعتبارات قد يطول شرحها، ولذلك من المهم إعادة النظر في بعض الأنظمة والسياسات المتعلقة بسوق العمل، وتفعيل أكبر لمسارات العمل المرنة لأن مواجهة البطالة ستكون أشرس من أي وقت مضى.
ختاما: مهما ذكرنا من نقاط أو أفكار لمرحلة ما بعد الوباء، إلا أن أهم ما ينبغي العمل عليه هو تفعيل مفهومي «إدارة الأزمات» و«الابتكار» في كل الجهات سواء كانت عامة أو خاصة.
@Khaled_Bn_Moh