كشفت أزمة كورونا حجم إصلاحات المأسسة التي أدخلتها رؤية السعودية 2030 على الجهاز الحكومي، وكانت بمثابة اختبار حقيقي لحجم التغيير الذي أحدثته الرؤية على نمط الأداء الحكومي، والذي كان يميل في السابق إلى التقليدية والبيروقراطية الإدارية مع ما يستدعيه هذا النمط من استغراق الوقت، وتطويل الإجراءات، إلى جانب مركزية القرار، ولذلك كان إصلاح الجهاز الإداري الحكومي في طليعة اهتمام خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله باعتباره محرك العمل التنموي، وصلب قوامه، فتبنت الرؤية جملة من الخطط التي تستهدف تشذيب وتهذيب الإدارة الحكومية، وضخ روح الدينامية في مفاصلها، لتستطيع تلبية معركة التنمية التي تخوضها القيادة لرفعة الوطن، وتمتين بنيته الاقتصادية والصحية والاجتماعية والثقافية، واستثمار الوقت بأقصى ما يمكن، أي أن يعمل الجهاز الحكومي كما لو كان شركة، سباقها الرئيس تحقيق الأرباح لصالح الوطن والمواطن، دون الإخلال بقواعد الحقوق والرعاية التي تشكل أساس مفهوم الإدارة الحكومية، وقد انعكس أداء الجهاز الحكومي، ومرونته، على أداء كافة قطاعات الدولة في أزمة كورونا، وبدت وزارة الصحة في الواجهة بحكم الاختصاص، وكل عمل الحكومة يتمحور حولها، حتى أن الكثيرين ركزوا في ثنائهم على أداء وزارة الصحة، وهي قطعا تستحق، لكننا على يقين أنه لم يكن سيتحقق لها كل هذا النجاح لو لم يؤت الإصلاح الإداري الذي تبنته الرؤية ثماره، بحيث تحولت كافة القطاعات إلى تروس محورية لعمل الصحة، تنفذ كل ما تقره لجانها المختصة، وأصبح القرار يبدأ من جهة الاختصاص، وينتهي إليها دون أن يصطدم بأي جهة أخرى، وهو ما أراده سمو ولي العهد عراب الرؤية ومهندسها، لإيمانه أن تميز الإدارة ونباهتها ودينامية أدائها، هو مؤشر الإنجاز الحقيقي، ولقد شاهدنا في هذه الأزمة، وبتوجيهات سمو الأمير، كيف تحولت كافة القطاعات في المجلس الاقتصادي لدعم جهود الصحة، مما مكنها من صناعة التفوق في أداء رسالتها، وهذه الصيغة الإدارية هي محرك النجاح، وأسه الأول، ويمكننا هنا أن نقول إن الرؤية قد أنجزت لنا الإدارة التي يمكن أن نعول عليها فعلا في صناعة التنمية الحقيقية بجدارة، ومواجهة الأزمات الطارئة بكفاءة، عندما حولت القطاع الحكومي بكافة وزاراته وهيئاته وأجهزته إلى مؤسسة ضخمة واحدة تعمل بروح الفريق المؤهل لصناعة المجد.
article@alyaum.com